الدين عرّاب التخلف

الدين عراب التخلف
الدين عراب التخلف

الدين عرّاب التخلف

Loading

إنَّ التخلُّف الذى يعاني منه المسلمون اليوم ليس سببه الإسلام، وإنَّما هو عقوبةٌ مستحقّةٌ من الإسلام على المسلمين لتخلِّيهم عنه لا لتمسُّكهم به كما يظنُّ بعض الجاهلين

غالباً ما نجد  المنتقدين للإسلام يرمونه بتهمٍ عديدةٍ، ممَّا يؤدِّي إلى زرع الشّكِّ في نفوس الغربيين، وحتَّى في نفوس بعض المسلمين. وكان ممَّا يدَّعونه أنَّ الإسلام هو السبب في تخلُّف الأمَّة الإسلامية اليوم، فما الردُّ المناسب على من يقول مثل هذه الأقاويل؟!!

أولا: يبيِّن التاريخ أنَّ الإسلام قد استطاع بعد فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ من ظهوره أن يؤسِّس لحضارةٍ عظيمةٍ، كانت من أطول الحضارات عمراً في التاريخ، ولا تزال الشواهد على ذلك ماثلةً للعيان فيما ورَّثه المسلمون من علمٍ غزيرٍ في شتَّى مجالات العلوم والفنون، ناهيك عن ضمِّ مكتبات العالم آلافاً من المخطوطات العربية والإسلامية، التي تبرهن على عِظَم ما وصل إليه المسلمون من حضارةٍ، يضاف إلى ذلك الآثارُ المنتشرة في العالم والتي تشهد على بديع صنع المسلمين، وإنّ ما تبقَّى من معالم حضارتهم  في الأندلس خيرُ شاهدٍ على ذلك، وقد قامت في أوروبا حركة ترجمةٍ كبيرةٍ لعلوم المسلمين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وكان ذلك هو الأساس الذي بنت عليه أوروبا حضارتها الحديثة، وهذا أمرٌ ثابتٌ في تاريخ العلوم والحضارات.
ثانيا: لقد منح الإسلام العلم والعلماء مكانةً كبيرةً فقال جلَّ وعلا: ‏﴿‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ‏﴾ ‏[‏المجادلة‏:‏11‏]
 وحضَّ على النَّظر في الكون ودراسته، وعمارة الأرض، وكان أوَّل ما نزل من القرآن، آياتٌ عظيمةٌ تحثُّ على القراءة والتّعلُّم، قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ*  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[العلق: 1-5]
ثالثاً: حارب الإسلام العديد من مظاهر التَّخلُّف، كالأميَّة، والبطالة، والرِّبا، وغيرها من الأمراض الاجتماعية والاقتصادية المدمِّرة، وعندما تخلَّف المسلمون عن إدراك المعاني الحقيقيَّة للإسلام تخلَّفوا في ميدان الحياة، ويعبِّر أحد الباحثين عن ذلك تعبيراً مثاليّاً حين يقول:
إنَّ التخلُّف الذى يعاني منه المسلمون اليوم ليس سببه الإسلام، وإنَّما هو عقوبةٌ مستحقّةٌ من الإسلام على المسلمين لتخلِّيهم عنه لا لتمسُّكهم به كما يظنُّ بعض الجاهلين
فليست هناك صلةٌ بين الإسلام وتخلُّف المسلمين.
رابعاً: هناك أسبابٌ خارجيةٌ ترجع في جانبٍ كبيرٍ منها إلى مخلَّفات سنوات الاحتلال الأوروبيّ للبلاد العربية، التي أعاقتها عن اللّحاق بركب التطوُّر، فنهبت خيراتها وحاربت أصحاب الفكر المنير فيها، بالإضافة إلى بعض الأسباب الداخلية مثل انتشار الأمية، والخرافات، والأفكار الهدّامة، وتفشِّي الجهل، والتي أدّت أيضاً إلى نسيان المسلمين للعناصر الإيجابيّة الدافعة لحركة الحياة في فهم الإسلام.
ولما حَدَّث أبو سفيان هرقلَ ملك الروم -وتعتبر دولة الروم في ذلك الوقت دولةً عظمى- بما عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه؛ قال: (إن كان ما تقول حقّاً فسيملك ما تحت قدميَّ هاتين) [أخرجه مسلم- باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، رقم 1773]
وهذا ما حصل فعلاً بعد عدَّة سنوات.
فإن صحَّ العزم من المسلمين على إعادة مجد الإسلام، فلابدَّ من نهوضٍ فكريٍّ، وثقافيٍّ، ولابدَّ من عودةٍ إلى أخلاقنا ومبادئنا الإسلاميَّة، فقد وصل أسلافُنا إلى ما وصلوا إليه عندما تمسّكوا بدينهم ومبادئهم.
ختاماً: لا يجوز للباحث عن الحقيقة الخلطُ بين الإسلام والواقع المتدنّي للعالم الإسلامي، فالتخلُّف الذي يعاني منه المسلمون يعدُّ مرحلةً في تاريخهم، ولا يعني أنَّهم سيظلون كذلك إلى نهاية التاريخ، وخير دليلٍ على هذا أنَّ الإسلام نهض بالعرب قديماً من الحضيض، وجعلهم خير أمَّة بين الأمم، فلا يجوز اتِّهام الإسلام بأنَّه وراء هذا التخلف.

 

العقل زينة

العقل زينة
العقل زينة

العقل زينة

Loading

هنالك نفر من البشر يتظاهرون بأنهم عقلانيون يبحثون عن الحقيقة ويؤمنون بالمنهج العلمي العقلي

لكن هؤلاء يمكنك تمييز صدق إدعائهم من عدمه في أنهم يتمسكون برأيهم مهما جئتهم بحجج وبراهين، ينكشف هؤلاء بأنهم مكابرون وليسوا باحثين عن إقناع عقولهم.
ان من يؤمن بذلك المنهج حقيقة، كَفتهُ تفاحة واحدة تسقط على الأرض لتقنعه بوجود الجاذبية الأرضية، ويقتنع بها بالعقل، من غير أن يدركها بالمدركات الحسية، ولا يكابر فيقول إنه لا يؤمن إلا بما يراه.

هنالك الآلاف من البراهين العقلية على أن القرآن الكريم كلام الله وليس من وضع بشر، لكن المكذبين مازالوا منذ أن نزل إلى اليوم يبحثون عن دليل ينقض ذلك ولا يجدون، لو كانوا صادقين أنهم يحتكمون الى العقل لكفاهم دليل واحد مثلما كفت “نيوتن” تفاحة واحدة للإقتناع.
إذا ليست القضية في صحة المحاكمة العقلية بل في رفضها بدافع المكابرة والعناد، لذلك لن ينفع البحث عن أدلة جديدة مقنعة أكثر لأن المسألة في رفض المبدأ.

المكذبون بالدين هم ذاتهم منذ نزوله والى اليوم، لم يتطوروا وما تغيروا، من مثل ذلك بحث قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن دليل ليكذبوا ما جاء به، بعد إذ لم يقدروا على تكذيبه بشخصه، فدلهم أهل الكتاب من اليهود أن يسألوه عن أخبار الأمم السالفة، وقالوا لهم لو كان ما يقوله من عند الله لأخبره، فأنزل الله تعالى قصة أهل الكهف التي لم تكن معلومة لأهل الجزيرة بل لليهود فقط، لأنهم كانوا لا يسمحون للأغيار بالإطلاع على التوراة، ورغم أن ما طلبوه تحقق، إلا أن الطرفين: اليهود والكفار استمروا في الإنكار.
غير أن قصة أهل الكهف حملت إعجازا علميا لم يكن ليدركه الناس تلك الأيام، لكنه كان مكنونا لمستقبل الزمان حين يتقدم الإنسان علميا، وهو تقلب النائم في نومه، لأن وزن الجسم يضغط على الأوعية الدموية الموجودة أسفل الجسم الممدد، وتضيق فيقل مرور الدم فيها خاصة أن دفع الدم عند النائم يكون ضعيفا، لذلك ترسل مجسات خاصة إشارة الى الدماغ لتنبيه بالحاجة الى تروية دموية عاجلة، فيصدر الدماغ الى العضلات أمر حركة لكي تقلب الجسم الى عكس وضعه، ويتم ذلك عدة مرات في النوم الواحد، المهم في الموضوع أن قدرة العضلات عند النائم لا تكون كافية لتحريك ثقل الجسم، لذلك ترسل دفقات محددة الى عضلات محددة تكفي لتلك المهمة، ومن غير أن توقظه الحركة، فلا يفسد نومه، ولولا ذلك التقلب لماتت خلايا كثيرة في كل مرة ينام فيها الإنسان.

ولما كان أهل الكهف نياما وليسوا أمواتا فكان لا بد أن يتقلبوا، ولو قال تعالى إنهم كانوا يتقلبون كما يتقلب الأحياء لما أمكنهم ذلك، لأن الطاقة اللازمة لتحريك العضلات التي تتحصل للجسم من تفاعل الجلوكوز مع الأكسجين، لن تكفي مهما كانت كمية مخزون الجسم من الدهون والجلايكوجين، لأكثر من شهر، فكيف لمدة ثلاثمائة وتسع سنين؟.
لذا فلم تتقلب أجسادهم بذاتها، ولكن بقدرة الله تعالى المباشرة، فقال تعالى: ((وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ))، ولم يقل كانوا يتقلبون.
وكان التقلب مرة الى اليمين ومرة الى الشمال، ليبقوا في مكانهم فلا يخرجون منه.
لأن ذلك المكان محسوب بدقة لتصله أشعة الشمس بقدر محدد كل يوم: ((وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ))، فكانت تصل الى أجسادهم وقت الغروب وأشعتها باردة لا تسبب أذى لأنها ضرورية لمنع العفونة، وكانوا في فجوة من الكهف كافية ليتجدد الهواء.
كل تلك التفصيلات أوردها الله تعالى، رغم أن أهميتها لم تكن معروفة للإنسان زمن التنزيل، وذلك حتى لا يأتي في آخر الزمان من يكذب القصة بدعوى تفسخ الأجسام.
مصيبة المكذبين بالدين أنه رغم كل تلك البراهين العقلية فهم لا يؤمنون: ((وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)) [يونس:97].

لا تساوي جناح بعوضة ويخلقها

لا تساوي جناح بعوضة -مستطيل-
لا تساوي جناح بعوضة -مستطيل-

لماذا خلق الله الدنيا وهي لا تساوي عنده جناح بعوضة؟

يخلق اللهُ تعالى الأشياء لحكمةٍ عظيمة، فلم يكن خلقُه لعباً ولا سهواً، وإنَّما لغايةٍ يعلمها سبحانه, وعندما نُسلِّم أنَّه عزَّ وجلَّ هو الخالق المُطلق فعلينا التَّسليم بكلِّ أفعاله التي كانت والتي ستكون، إذعاناً منَّا لقوله:
((لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)) [الأنبياء 23] .
وخلق الله الكون كلَّه، والحياةُ الدنيا جزءٌ منه، وكلُّ خَلْقِه أثرٌ مِن آثار صفاته التي تدلُّ على عظمته وعظمة ما يتَّصِفُ به سبحانه.
خلق الله العباد وهو غنيٌّ عنهم وخلَقَهم آمراً لهم بالعبادة وهم محتاجون إليه احتياجَ افتقارٍ ونقصٍ, ولم يخلقهم احتياجاً لهم أو نقصاً منه تبارك وتعالى.
وكلّما أمعن العباد النَّظر في عظمة هذا الكون والدنيا بكلِّ ما فيها من إبداعٍ وتنظيمٍ بتفكيرٍ وتأمُّلٍ زاد تعظيم الله تعالى في قلوبهم, وزاد تصديقُهم به, وإذعانهم له، وكلُّ ذلك يدلُّ على عظمة الخالق ووحدانيَّته.
والدنيا حقيقةً لا تساوي عند الله ولا جناح بعوضة, تلك التي تُعتبر من أبسط خلق الله, فالدُّنيا ليست دار الخلود ولا البقاء, وإنّما جعلها الله فتنةً وابتلاءً, وأراد من خلالها تمييز المؤمن من غيره, واختبارَ غير المؤمنين في حياتهم, وهذا ما ذكره الله تعالى في قوله: ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)) [سورة الملك2], وقد يفتح الله خيرات الدُّنيا على بعض عباده دوناً عن غيرهم, إذ ليست هذه الدار دار النَّعيم الدَّائم, وهذا ما بيّنه قوله تعالى: ((وَلَوْلَا أَنْ يَكُوْنَ النَّاسُ أُمَّةً وَاْحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلِيْهَا يَظْهَرُوْنَ)) [سورة الزخرف33], فهي دارٌ مؤقَّتةٌ تجهيزاً للخلود في الدَّار الآخرة التي بها كمال عدله
سبحانه, وهذا مما أراده رسول  الله صلى الله عليه و سلم حين قال: “لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء” (رواه الترمذي)
ولا يعرف حقيقة مراد الله تعالى إلا هو, فهو الخالق المُطلق المتصرّف بإرادته، سواءً اتَّضحت لنا الحكمة من تصرُّفاته أم لم تتَّضح، ويجب علينا التَّسليم والإذعان والقبول, فقد أوجد الله تعالى الحياة الدنيا وغيرها من المخلوقات للدلالة بها على ربوبيَّته, ووحدانيَّته, وألوهيَّته, من غير شريكٍ ولا نِدٍّ, ومع ذلك هو غنيٌ عن مخلوقاته كامل الغنى, وهم الفقراء إليه كامل الفقر, وبذلك فالدنيا وكلُّ المخلوقات لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
و عندما خلق الله الدنيا لقيام الحياة بها لم يدفعنا لحبِّها أو للرغبة فيها بل ذكّرنا بفنائها وزوالها وأنَّها ليست دار إقامةٍ وقرارٍ, إنَّما جعلها دار ابتلاءٍ وامتحانٍ وعمل، في حين رغَّبنا في الآخرة والسَّعي لإعمارها بالصالح من أعمال الدنيا لأنّها دار الجزاء والعقاب والعدل والإنصاف.

مَنْ أَنَا؟……..وأسئلةٌ كثيرةٌ

من أنا
من أنا

تعتري كثيراً منّا تساؤلاتٌ وجوديَّةٌ تشغل تفكيره وتؤرِّق راحته، وتُحيل معيشته جحيماً لا يطيق العيش فيه، ولربَّما يسكتُها من حينٍ لآخر ثمَّ لا تلبث أن تطرق باب حياته بعنفٍ أشدّ مع أول هزّةٍ نفسيةٍ أو سلوكيةٍ أو إنسانيَّةٍ يتعرَّض لها.

هذا ما تعلّمناه دائماً…وفي رحلة بحثٍ عن الإجابة، أقول:  

انظر حولك

 فهل رأيت نظام الكون اختلَّ يوماً لمعصيةٍ ارتكبتها؟ وهل اطَّلَعتَ على خزائنه الملآى وقد جفّت لإعراضِكَ عنه؟

 أنتَ نفسُك بكلِّ ما تملكه من غطرسةٍ واعتدادٍ بالعلم أو بالتّطور الذي تظنُّ نفسَكَ صَنعتَهُ، بكلِّ كبريائك الذي تتبجَّحُ به، بكلِّ طُغيانِكَ الواهي وعَظمتِكَ المُهلهلة …..هل استطعتَ يوماً أن تخرجَ عن سُلطان دولتِه لحَظةً أو ربَّما ساعةً؟ هل غيّرتَ مسار الأرض؟ هل استطعتَ أن تُلوِّن النجومَ بلونكَ المفضَّل؟ وهل تصرّفت يوماً بأنفاسِكَ الصاعدةِ والهابطة وقلبكَ النَّابضِ ولو لثانيةٍ واحدة؟ هل استطعت أن تخلق كوناً؟ هل أنشأت قمراً؟ هل أَجرَيتَ سُحُبَاً؟ 

هل وهبت لنفسكَ عقلاً؟ هل نفيت عنها جنوناً؟ هل دفعت عنها موتاً؟ هل استرجعتَ حبيباً؟ 

هل أرجعت لعينك نورها إذا انطفأت؟ هل خلقتَ لِنفسِكَ ولداً حين حُرِمتْ؟ وهل أرجعت لعجزك شباباً حين هرمت؟

 ألا يدلُّ كلُّ ذلك على منتهى عَجزِك، ومنتهى فقرِك وذُلِّك، انظر من حولك مرةً أخرى، انظر بعينين من نور، بقلبٍ باحثٍ عن لبِّ الحقيقة التي فيك، انظر بعقل متحرّرٍ من قيود الأنانية وغِشاوة المادَّة. انظر أخي في نفسك لتعرف حقيقةَ نفسك، وتعال ننظِّف سبيل المعرفة من أدران الكِبر.

 لقد أَضعنا الطَّريق إلى الحقيقة حين أَضَعنا الطريق إلى الله، وعبدَ المرء ذاتَه بعد أن تاه في صحراء شهوته، ونسي في غمرة ذلك كلّه ربَّه ومالِكَهُ وغاية خلقِه، فعاش جحيم البحث لاهثاً وراء سراب راحته، وفي الحقيقة:

     دَواؤُكَ فيكَ وَمَا تُبصرودَاؤكَ مِنكَ وما تشعر

ومتى عرف المرء نفسَه بضعفها ونقصها وأنّه ليس بشيءٍ، عرف ربَّه بعظمته وكماله وأنَّه مالك كلِّ شيء، وعرف مراد الله منه.

ثُمَّ ارجع البصر كرَّتين وتأمَّل أخي الإنسان في الكون ودقائق صنعه وعجيب خلقه، فإنّك إن استخدمت وسيلةً من وسائل الحياة المعاصرة ولاحظت فيها إتقانَ صنعتِها حكمتَ -لابدّ- على إتقان صانِعها وإبداعه، فمالك لا ترى إتقان صَنعتك: أعصابك، شرايينك، خلايا دماغك وإدراكك، نبض قلبك وإحساسك، وكمال خلقك، لترى من نافذة ذلك الصنع البديع إتقان وإبداع وكمالَ خالقك: ((الذي أَحسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسانِ مِن طِين))[السجدة7]

((ثُمَّ خَلَقنَا النُّطفةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنا العَلَقَةَ مُضغَةً فَخَلَقنا المُضغَةَ عِظَاماً فَكَسَونَا العِظَامَ لحمَاً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقَاً آخَرْ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحسَنُ الخَالِقين))[المؤمنون14].

 ألم تُحدِّثكَ مرةً زهرةٌ بعبيرها وسحرها عن لُطفه وحُبِّه؟

 ألم تُظلَّك يوماً شجرةٌ وتحدِّثك عن جميلِ ستره؟

 ألم تأكلْ مِنْ لَذيذِ ثمرِه ليحدِّثكَ عن لطيفِ بِرِّه؟

 ألم تُقلِّبْ بَصركَ في أفلاكِ السَّماءِ لِتُحدِّثَكَ عن جلالهِ وهيبتِه؟ 

 ألم تُبصرْ عظيمَ صُنعه فدلَّك على عظمته؟

 ألقِ سَمعَكَ…وأَدِرْ في هذا الكون بَصرَكَ…وأوقِدْ مِصباحَ بَصيرَتكَ تجد:

وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيةٌ    تدلُّ على أنَّـهُ واحــدُ

فيا عجباً كيف يعصي الإلهَ   أم كيفَ يجحدهُ الجاحد 

بقلم: غالية القصّار بني المرجة

واضربوهن

شباب حوار (و اضربوهن)-تويتر
شباب حوار (و اضربوهن)-تويتر

موضوعٌ يندرج تحت اسم: العنف ضدَّ المرأة, أو العنف الأسري … الذي كثُر الحديث عنه في الفترة الأخيرة بسبب قصَّة الشَّابَّة آيات الرفاعي التي انتهت حياتها بسبب ضرب زوجها لها …

وأكثر ما أثار استغرابي تعليقٌ مرَّ على أحد وسائل التواصل: (الإسلام سمح بضرب النساء والقرآن قال: اضربوهنَّ)، وكأنَّ المعلِّق يقول قاصداً أو خاطئاً: إنَّ التشريع له دورٌ بما حصل.

(وهذه المقالة موجّهةٌ لكلِّ مسلمٍ فهم حديث القرآن عن التأديب بالضرب فهماً خاطئاً… دعونا نجلس على طاولة الحوار ونناقش الأمر).

 مع الأسف يظنُّ بعض المسلمين أنَّ ضرب المرأة مسموحٌ به، وقد يتجاوز البعض الحدَّ ويظنُّ أنَّ  تشريعاً من السماء نزل يُجيزُ ذلك.

 نقول: من سمع أو قرأ أو علم يقيناً نصَّاً شرعيّاً يحثُّ على ضرب أحدٍ من الكائنات ظُلماً وزوراً فليخبرنا به لعلَّه يعطينا معلومةً جديدةً لم نستطع الوصول إليها فيما بحثنا فيه من كتب الحديث والتفسير والفقه المعتمدة عندنا نحن المسلمين مناهجَ نفهم بها ديننا الحنيف، فغاية ما وصلَنا هو تحريم الظُّلم بكلِّ أشكاله وأنواعه، ويشمل هذا كلَّ الكائنات لا البشر أو النساء فقط.

وورد في صحيح مسلمٍ عن أبي ذرٍّ في الحديث القدسي: ((يا عبادي إنِّي حرَّمت الظُّلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّماً فلا تظالموا …)) (2577) فلم نجد في الحديث تخصيصاً لجنسٍ أو نوع.

والأصل في الشرع حرمة الإيذاء بكلِّ صوره وأشكاله؛ قال تعالى: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينً)) [الأحزاب: 58]

وعن  النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: ((المسلمُ من سلمَ المسلمونَ مِن لِسانهِ ويَدهِ)) ]متفقٌ عليه (البخاري 1/11 – مسلم 1/65)[

 يتوقَّع أن ينظر إلينا الآن أحدٌ بطرف عينه مبتسماً ابتسامة المتسائل قائلاً: (وآية الضرب ..!!!)

ألم يُبح ذلك في قول الله تعالى: ((……. وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) ]النساء:34[.

وقائل يقول: وجود هذه الآية في القرآن العظيم يبيح الضرب بإطلاقه دون قيود. وكأنَّ أحدهم يهمس من بعيدٍ لا تخبروا بها المسلمين الجدد أو من يرغب في الإسلام لأنَّها قد تترك لديه انطباعاً بأنَّنا أمةٌ تعالج أمورها بالضرب والعنف.

نستطيع أن نتحاور بهذا الشَّأن: 

نتفق أنَّنا -بصفتنا مسلمين- نعلم أنَّ في القرآن آيات لا نستطيع فهمها أو تطبيقها دون الرجوع إلى أمرين أساسيّين:

أوَّلهما: السُّنَّة سواءً كانت من فعل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أو قوله أو إقراره. 

وثانيهما: كتب التفسير المعتمدة عند المسلمين والتي أجمعوا على الأخذ منها.

أمَّا السُّنَّة فلم يضرب النبيَّ امرأةً قط، وفي حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: «ما ضرب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- شيئاً قطّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادماً» ]رواه مسلم (2328)[

 وربّما يقول قائلٌ هنَّ أمَّهات المؤمنين ولا يفعلن الخطأ.

أقول: من قال إنَّهنَّ معصومات، فقد وردت حوادث كثيرةٌ في كتب السُّنَّة المعتمدة ينظر إليها الناظر بعين التَّعجب: كيف لم يغضب منها النبي صلَّى الله عليه وسلّم؟ كحادثة اتّفاق السَّيِّدة حفصة والسَّيِّدة عائشة رضي الله عنهما، والتي نزلت بسببها آياتٌ من سورة التحريم، وتمَّ الأمر بعلاجٍ من الله تعالى، ولم نسمع أو نعلم أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ضربهما بسبب فعلهما.

أمَّا التفسير فسنذكر عباراتٍ وردت بنصِّها في كتاب: (التحرير والتنوير لابن عاشور4/44)

في تفسير الآية 34 من سورة النِّساء التي نتحدث عنها، قال:

(فإذا كان الضرب مأذوناً فيه للأزواج دون ولاة الأمور، وكان سببه مجرَّد العصيان والكراهية دون الفاحشة، فلا جرم أنَّه أُذِن فيه لقومٍ لا يعدّون صدوره من الأزواج إضراراً ولا عاراً ولا بدعاً من المعاملة في العائلة)، ونبَّه إلى أنَّه ورد للترتيب لا للأمر، ونلاحظ أنَّ هذا الترتيب منطقيٌّ يأخذ وقتاً زمنياً واضحاً، وذكر أنَّ الوعظ وكذا الهجر قد تتجاوز  مدّة كلٍّ منهما شهراً أو أكثر، فالتي تتعظ بالهجر لن تحتاج ضرباً، والتي لم تتعظ به فلن ينفعها ولا حتَّى الضرب.

وقال أيضاً: (والحاصل أنَّه لا يجوز الهجر والضرب بمجرَّد توقُّع النشوز قبل حصوله اتفاقاً)، وبعد أن بيَّن خطورة اللجوء إلى الضرب، وأنَّه ليس على إطلاقه للأزواج، ويشترط به السلامة من الأذى، وألّا يكون للإهانة والازدراء يقول:

(يجوز لولاة الأمور إذا علموا أنَّ الأزواج لا يحسنون وضع العقوبات الشرعية مواضعها، ولا الوقوف عند حدودها أن يضربوا على أيديهم استعمال هذه العقوبة، ويعلنوا لهم أنَّ من ضرب امرأته عوقب، كيلا يتفاقم أمر الإضرار بين الأزواج، لا سيَّما عند ضعف الوازع).

وبهذا يتَّضح لنا أنَّ الآية ليست ثغرةً في ديننا نحتاج أن نتكتَّم عليها فلا نذكرها، وكلام الله واضحٌ، وتطبيق نبيِّه صلَّى عليه وسلَّم وأصحابه ينفي كلَّ احتمالٍ للشُّبهة.

ولم أجد في ما أعلمه أحداً أجاز الضرب أو الإيذاء للمرأة _أو غيرها من الكائنات الحية_ مطلقاً، ليس بالضرب فحسب بل حتى بالإهانة اللفظية أو الازدراء المعنوي، فلا يجوز ما فيه انتهاكٌ للكرامة الإنسانيَّة التي حفظها الله سبحانه، وليس لبشرٍ أن ينتهكها.

الزواج ليس معركةً طاحنةً ينتصر فيها الأقوى، فالزواج هو العشرة بالمعروف … هو الكلمة الطيبة … هو المودة والسكن .. هو الذُّرِّيّة الصالحة التي ننتظر نفعها في الدنيا والآخرة …

والمرأة في ديني محترمةٌ مقدَّرةٌ لها مكانتها بصفتها إنسانةً ومسلمةً وعضواً فاعلاً في الأسرة والمجتمع.

هذا ما نعلمه نحن من ديننا ونعتقده ونؤيِّده .. و الله تعالى أعلم.

خديجة الموصللي

بقلم: أ. خديجة موصللي

ظُلِمْتُ بالطلاق

الإسلام يعادي المرأة…..

ينتقص من مكانتها…..

ويضع الرجل في مرتبة أعلى منها!

عباراتٌ وأسئلةٌ تتردَّد كثيراً على مسامعنا من المنتقدين للإسلام، الذين يدّعون أنَّهم يريدون حماية حقوق المرأة، وإبعادها عمَّا يسمُّونه تسلّط الذكورية الدينية، مما يؤدي أحياناً إلى زرع الشكِّ في نفوس المسلمين والمسلمات، فيظنُّ بعضهم –خطأً– أنَّ الإسلام قد أساء إلى المرأة وقلّل من شأنها.

 وفيما يلي إحدى المغالطات المنتشرة حول هذا الأمر:

قالوا: إنّ الطلاق في الإسلام ظلمٌ للمرأة،  ولماذا يكونُ الطلاقُ بيد الرجلِ لا المرأة؟؟ مع أنَّ الزواجَ يحدثُ برضا كلٍّ منهما وموافقته،
والحقيقة أنّ هذا السؤالٌ وجيه ويستحقُّ التوقف عندهُ.

إنَّ الله تعالى جعل الطلاق بيد الزوج لقوله جلَّ جلاله: ((أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)) [البقرة:237 ]
والذي بيده عقدة النكاح هو الرجل كما ورد في تفسير ابن كثير من حديث عبد الله بن لهيعة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “وَليُّ عقدِ النكاحِ الزَّوجُ“. أمَّا الحكمة من هذا والله أعلم فإنَّه يرجع إلى الأمور التالية:

قال تعالى: ((وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)) [البقرة:228]، وتفسير العلماء لهذه الدرجة أنَّها الصبر والصفح، وهو ما ذكرهُ الطبري في تفسيره من قول ابن عباس رضي الله عنهما، وهو ترجمان القرآن: “الدرجة هي الصفحُ من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها، وإغضاؤه لها عنهُ، وأداء كلّ الواجب لها عليه” فالأصل أنَّه يجب على الرجل مراعاة المرأة وأن يتسم بسعة الصدر، إذ إنّه يمتلك من تحكيم العقل، وسعة الإدراك، وبُعد النظر لعواقب الأمور ما يفوق المرأة، وهو أملكُ لنفسه وأعصابه.

وذلك بخلاف المرأة التي تغلب عليها العواطف والمشاعر، فهي تحكم بعاطفةٍ تغلب العقلَ، وهذا ليس انتقاصاً للمرأة بل هي ميزةٌ ضروريةٌ تتوافق مع مهمَّاتها في الأمومة والتربية، وكونها سكناً لزوجها، وملاذاً دافئاً لأسرتها وأطفالها، وتختلف فيه المرأة عن الرجل كما تختلف القدرات بين البشر، فالماهر في حرفةٍ يكون قليلَ المهارة في حرفةٍ أخرى، ولكلٍّ دوره في الحياة.

ومن الحِكَم أيضاً إنفاق الرجل على المرأة، وهذا تكليفٌ له بالقوامة عليها لقوله تعالى: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) [النساء-34]، لكنَّ هذه القوامة لا تعني الظُّلم والتَّسلط، بل تعني رعاية شؤون الأسرة والإنفاق عليها بحكمةٍ واقتدار، كما يرعى ربُّ العمل عمَلَه، ويرعى مديرُ المدرسة مدرستَه.

ثُمَّ إنَّ المهر يجب على الزوج، لأنَّ القاعدةَ العقلية والقانونية والشرعية والمنطقية تقولُ: ((الغنمُ بالغُرم)) وعلى الرجلِ الذي سيطلّق التزام مغارمِ الطلاق من مُقدّمٍ ومؤخَّرٍ ونفقةِ العُدّة، فالغنمُ بعقدة الطلاق سيقابله غرمٌ بدفعه المال، وبذلك نجد أنَّ (الطلاق تكليفٌ، وليس تشريفاً).

إلاّ أنَّ هناك حالاتٍ استثنائيةً كأن تكون الصفات التي ذُكرت قبلاً غيرَ موجودةٍ في الرجل، فنجده غير قادرٍ على تكوين أسرة.

ولذلك فإنَّ الله عزّ وجلَّ شَرَع َللمرأة الخلع، الذي يكونُ برغبتها وبموافقةِ الرجلِ بعد تخلِّيها عن جزءٍ من حقوقها المالية، ولا يشترط أن يكون سبب الخلع شيئاً يتعلَّق بنقصٍ في دين الرجل أو عيبٍ خلقيٍّ فيه، وإنّما قد يكون كراهيةً من الزوجة لزوجها، أو عدم توافقٍ بينهما, وغيرها من الأسباب.

ومن هذا يتَّضحُ لنا أنَّ الإسلام أعطى المرأةَ الحقَّ في الانفصال عن زوجها من خلالِ الخلعِ، بالإضافةِ إلى قدرتها على الاشتراطِ بتطليق نفسها في عقد الزواج بما يسمى: (عصمة الطلاق) وللزّوجِ أن يوافق على ذلك أو أن يرفض، وإنَّ الإسلامَ يدعو إلى ديمومةِ الزواجِ واستمراره، وإنَّ إنهاءَ العلاقةِ الزوجية يحدثُ بعد فشلِ كلِّ المحاولاتِ لإصلاحِ ذات البين.

مع عظمة هذه الأحكام الشرعية وحكمتها يمكننا تجنُّب الطلاق حتماً إذا  عمَدنا إلى أسس اختيار الزوجين الصحيحة، وراعى الطرفان المعاشرة بالمعروف، وعامَل كلٌّ منهما الآخرَ حسب طبيعته، ثمَّ أدَّى كِلاهما حقوق شريكه على أكمل وجه، وعمل على حل المشكلات الزوجية بدءاً بالنصيحة والإرشاد وانتهاءً بالتحكيم الذي يسعى إلى تجاوز الخلافات وإعادة الحياة الزوجية إلى بريقها المنشود.

ومَن تدبّر هذه الأحكام والحِكَم فلن يخفى عليه أنّ الإسلام صان المرأة، وأعزَّها ولم ينتقص من مكانتها، بل جعلها شريكة الرجل في سوية تكريمٍ واحدة، فهي نصف المجتمع، ومربية النصف الآخر وسندٌه ودعمٌ له.

زوجات تسع.. لماذا؟

غلاف زوجات تسع
زوجات تسع
زوجات تسع

يفتري المدَّعون أنّ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان رجلاً شهوانيا يسيرُ وراءَ شهواته وملذَّاته –وحاشاه-
وأنّه لم يكتفِ بزوجةٍ واحدةٍ أو أربع كما شُرِّع للمسلمين، بل تزوّج عشراً من النساء أو أكثر

فكيف الرد على هذا الافتراء ؟

تعمَّدَ المستشرقونَ التشكيكَ في النبي صلَّى الله عليه وسلم، والطعنَ في رسالته ليُشكِّكوا الناسَ في صدق ما جاء به، وكلُّ هذا نتاجُ ما يرونه من الإقبالِ الكبير على الدخول في الإسلام من الغربيين، فقد افترى الحاقدونَ على نبينا صلى الله عليه وسلم، ونسبوا زوراً أنّه كان رجلاً شهوانيا يسيرُ وراءَ شهواته وملذَّاته –وحاشاه– وأنّه لم يكتفِ بزوجةٍ واحدةٍ أو أربع كما شُرِّع للمسلمين، بل تزوّج عشراً من النساء أو أكثر؛ اتِّباعاً لهواهُ وسيراً مع شهوته. والردُّ على من يفتري ذلك يكون في عدّةِ أوجه: 

أولاً: لو كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما يدَّعي هؤلاء لما قبِلَ الزّواج من السيدة خديجة رضي الله عنها، وهي التي تكبُره بخمسةَ عشر عاماً، بل لتزوج أجملَ فتيات قريش، وقد عَرض عليه عتبة بن ربيعة أموراً مقابلَ ترك الدعوة إلى الإسلام، كان منها المالُ حتى يكون أغناهم، والملكُ حتى يكون سيِّدَهم، وأن يزوجوهُ أجمل أبكارِهم.

فلو كان النّبي صلى الله عليه وسلم كذلك، فلماذا رفض المال، والسيادة، والزواج بأجمل فتيات قريش، في الوقت الذي كان يعاني فيه الفقر؟؟!

فإعراضه صلَّى الله عليه وسلَّم يدلُّ دلالةً صريحةً أنّه لم يكن كما يدَّعون، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّه صلى الله عليه وسلم لم يعدِّد في زواجه إلا بعد بلوغه سنَّ الخمسين، ونساؤه كلُّهنَّ كُنَّ ثيِّبات إلَّا أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعنهن، فلو كان المراد الشهوة والاستمتاع لتزوَّج النبي فتياتٍ أبكاراً، وهو في سنِّ الشباب.

ثانياً: ومن غاياتِ وأغراض زواج النبي صلى الله عليه وسلم ما كان بقصدِ التعليم، فقد كانت كثيراتٌ من النساء يستحين من سؤالِ النبي صلى الله عليه وسلم خاصَّةً في الأمور المتعلّقة بأحكامِ الحيض والنفاس والجنابة، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ في كتب الحديث والسِّيَر، وكان أحد أسباب التعددِ تخريج فقيهات يعلِّمن النساء أمور دينهن.

 ثمَّ إنَّ سُنّةَ النبي صلى الله عليه وسلم لا تشتملُ على أقواله فقط بل على أفعاله وتقريرهِ أيضا، وكان لعائشة وأم سلمة رضي الله عنهما الفضل الأكبر في نقلِ أفعاله وحياته في بيته صلى الله عليه وسلم، وتفاصيل سيرته.

ثالثاً: زوجات النبيِّ صلى الله عليه وسلم هنَّ أمهاتٌ للمؤمنين فلو طلّقَ إحداهن عند نزول حكم الزواج بأربع نساء فقط لما صحّ زواجُهنّ من أحدٍ بعده، فمن رحمة الله بهنَّ أن جعل قانوناً خاصَّاً بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فلا يستبدلُ واحدةً منهن، ولا يزيد عليهن.

كل هذا يثبت أنَّ سبب تعدُّد زوجاته صلى الله عليه وسلم لم يكن لشهوةٍ ولا لمتعةٍ وإنَّما لحكمةٍ بالغةٍ أرادها الله عزّ وجل، والناظر في التاريخ يجد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلم من افتراءات الحاقدين، ويرى في كلِّ زمان منذ بعثته صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر أناساً يتطاولون ويثيرون شبهاتٍ ليستدرجوا بها عاطفة بعض الناس، ومصير هذه الشبهات أن تندثر وترحل كما رحلوا هم.

تعمَّدَ المستشرقونَ التشكيكَ في النبي صلَّى الله عليه وسلم، والطعنَ في رسالته ليُشكِّكوا الناسَ في صدق ما جاء به، وكلُّ هذا نتاجُ ما يرونه من الإقبالِ الكبير على الدخول في الإسلام من الغربيين، فقد افترى الحاقدونَ على نبينا صلى الله عليه وسلم، ونسبوا زوراً أنّه كان رجلاً شهوانيا يسيرُ وراءَ شهواته وملذَّاته –وحاشاه– وأنّه لم يكتفِ بزوجةٍ واحدةٍ أو أربع كما شُرِّع للمسلمين، بل تزوّج عشراً من النساء أو أكثر؛ اتِّباعاً لهواهُ وسيراً مع شهوته. والردُّ على من يفتري ذلك يكون في عدّةِ أوجه: 

أولاً: لو كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما يدَّعي هؤلاء لما قبِلَ الزّواج من السيدة خديجة رضي الله عنها، وهي التي تكبُره بخمسةَ عشر عاماً، بل لتزوج أجملَ فتيات قريش، وقد عَرض عليه عتبة بن ربيعة أموراً مقابلَ ترك الدعوة إلى الإسلام، كان منها المالُ حتى يكون أغناهم، والملكُ حتى يكون سيِّدَهم، وأن يزوجوهُ أجمل أبكارِهم.

فلو كان النّبي صلى الله عليه وسلم كذلك، فلماذا رفض المال، والسيادة، والزواج بأجمل فتيات قريش، في الوقت الذي كان يعاني فيه الفقر؟؟!

فإعراضه صلَّى الله عليه وسلَّم يدلُّ دلالةً صريحةً أنّه لم يكن كما يدَّعون، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّه صلى الله عليه وسلم لم يعدِّد في زواجه إلا بعد بلوغه سنَّ الخمسين، ونساؤه كلُّهنَّ كُنَّ ثيِّبات إلَّا أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعنهن، فلو كان المراد الشهوة والاستمتاع لتزوَّج النبي فتياتٍ أبكاراً، وهو في سنِّ الشباب.

ثانياً: ومن غاياتِ وأغراض زواج النبي صلى الله عليه وسلم ما كان بقصدِ التعليم، فقد كانت كثيراتٌ من النساء يستحين من سؤالِ النبي صلى الله عليه وسلم خاصَّةً في الأمور المتعلّقة بأحكامِ الحيض والنفاس والجنابة، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ في كتب الحديث والسِّيَر، وكان أحد أسباب التعددِ تخريج فقيهات يعلِّمن النساء أمور دينهن.

 ثمَّ إنَّ سُنّةَ النبي صلى الله عليه وسلم لا تشتملُ على أقواله فقط بل على أفعاله وتقريرهِ أيضا، وكان لعائشة وأم سلمة رضي الله عنهما الفضل الأكبر في نقلِ أفعاله وحياته في بيته صلى الله عليه وسلم، وتفاصيل سيرته.

ثالثاً: زوجات النبيِّ صلى الله عليه وسلم هنَّ أمهاتٌ للمؤمنين فلو طلّقَ إحداهن عند نزول حكم الزواج بأربع نساء فقط لما صحّ زواجُهنّ من أحدٍ بعده، فمن رحمة الله بهنَّ أن جعل قانوناً خاصَّاً بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فلا يستبدلُ واحدةً منهن، ولا يزيد عليهن.

كل هذا يثبت أنَّ سبب تعدُّد زوجاته صلى الله عليه وسلم لم يكن لشهوةٍ ولا لمتعةٍ وإنَّما لحكمةٍ بالغةٍ أرادها الله عزّ وجل، والناظر في التاريخ يجد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلم من افتراءات الحاقدين، ويرى في كلِّ زمان منذ بعثته صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر أناساً يتطاولون ويثيرون شبهاتٍ ليستدرجوا بها عاطفة بعض الناس، ومصير هذه الشبهات أن تندثر وترحل كما رحلوا هم.

أحمد الشافعي image

بقلم: أحمد مأمون شافعي

ليتنا في عصرهم

ليتنا في عصرهم
ليتنا في عصرهم

ليتنا في عصرهم

إنَّ للصحابة رضوان الله عليهم مزيةً خاصة ألا وهي مزية صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وبركتها، ولا يكاد يخفى على الواحد منهم ما كان لهذه الصحبة من أثر ونفع مباركَين..

يُعرفُ الصحابي: بأنه الشخص الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به وماتَ على الإسلام، ومن هذا التعريف نعلم أنَّ زمن الصحابة رضوان الله عليهم هو زمن التنزيل الأول، وتقرير الشريعة السمحاء..

ولو نظرنا إلى خطٍ بيانيٍ في التاريخ لوجدنا أنَّ أدنى نقطةٍ من الانحدار الأخلاقي والديني والفكري للشعوب هي مرحلة الجاهلية ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا في حالةٍ يُرثى لها، من غياب العقل وتدني الأخلاق وفعل المنكرات، حتى جاء الإسلام العظيم بتعاليمه الراقية فارتفعت تلك النقطة إلى القمة  قمَّة الأخلاق الكريمة، والعبادات الشاملة بفضلٍ من الله تعالى، وهذا ما ألمحت إليه الآية القرآنية: {{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}} لبقرة257]، وعلى ذلك كانت الشريعة للعقل كالنور للعين، فكما أنَّ العين لا تبصر ولا قيمة لها من غير ضوء، فكذا العقل يفعل المنكرات ويغيب في حال غياب الشريعة الصحيحة..

وعلى ذلك كان عصر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل العصور بلا منازع ولا منافس، لوجود أفضل وأكمل الخلق فيه صلى الله عليه وسلم، وتنزُّل أكمل الرسالات عليه، وكان زمان الصحابة بعده في المرتبة الثانية من الأفضلية والخيرية بمزية صحبتهم ورفقتهم الراقية له، وهذا ما أكَّد عليه صلى الله عليه وسلم حين قال: “خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ <أخرجه الإمام البخاري>، وبهذا أخبر عليه الصلاة والسلام بخيرية العصر الأول من عصور الإسلام..وهنا يتبادر إلى الذهن بعد هذا التبيين، لماذا كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو هريرة وبلال وغيرهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين في هذا العصر ونالوا أفضيلة الخيرية ولم أكن أنا معهم؟؟

لماذا لم نُخيَّر في شأن وجودنا في العصر الذي  نرغب؟؟

و الجواب على ذلك في عدة نقاط:

  • إنَّ الله تعالى اختار لنا –بعلمه الأزلي– ما يناسبنا، و هو خيرٌ لنا من هذه العصور، و إنَّ الإيمان بالله تعالى، وكمال الثقة به و بحسن تدبيره تجعلنا لا نرضى إلا بما رضيه هو لنا، يقول الله تعالى عزَّ شأنه: {{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}} [الأنبياء 23]، وهذا من كمال الرضا والإيمان به تبارك وتعالى..
  • وكما وصف صلى الله عليه وسلم  قرنه بالخيرية فإنه ودَّ لو رأى إخوانه الذين يأتون بعده، وعرَّفهم فقال صلى الله عليه وسلم : “وددتُ أنِّي لقيتُ إخواني، فقالَ أصحابُ النَّبيِّ: أوليسَ نحنُ إخوانَكَ قالَ: “بل أنتُم أصحابي ولكنْ إخواني الَّذينَ آمَنوا بي ولم يرَوني <أخرجه الإمام أحمد> , وهذا كافٍ  لنرضى عن العصر الذي أوجدنا الله فيه مع كمال الثقة باختياره، وعدم تمني ما حصل ولن يتغيَّر، وإنَّ استثمار الواقع الذي نعيشه وتسخيره في الدعوة والعبادة قد يفوق عمل الكثير من السابقين الذين أسلموا وكانت الحياة راغدةً لهم ولا أعداء يكيدونهم ..
  • الصحابة رضوان الله عليهم كانوا في زمن التشريع وأخلصوا في نقله لنا، والآن دورنا وواجبنا في الحفاظ على هذا التراث وإدراكه ونقله وأخذ دورهم الذي قاموا فيه على أكمل وجه دون الوقوف على حيثيات الزمان والمكان، فإننا في زمنٍ القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، وهذا ما لم يكن في زمانهم –مع تأكيد وجود الظلم والعقبات في طريق دعوتهم- والصبر على ذلك يرقى بالعبد درجاتٍ عالية قد لا ينالها من كانت رحلات الدعوة سهلة ميسرة أمامه، والأجر عند الله تعالى.

فاستثمار الواقع المتاح الذي أوجدنا الله تعالى فيه لإدراك منزلة حسنة عنده عزَّ وجلَّ هو خيرٌ من التطلُّع إلى أمر  لم يقسمه الله لنا في علمه الأزلي، والله يحب عبادَه ويريد لهم ما فيه الخير الكبير والإحسان، و إنَّ الغاية من خلق العالمين جميعهم –في أيَّ عصر من العصور- هو عبادة الرحمن {{وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون}} [الذاريات56].

 
 
 

إنَّ للصحابة رضوان الله عليهم مزيةً خاصة ألا وهي مزية صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وبركتها، ولا يكاد يخفى على الواحد منهم ما كان لهذه الصحبة من أثر ونفع مباركَين..

يُعرفُ الصحابي: بأنه الشخص الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به وماتَ على الإسلام، ومن هذا التعريف نعلم أنَّ زمن الصحابة رضوان الله عليهم هو زمن التنزيل الأول، وتقرير الشريعة السمحاء..

ولو نظرنا إلى خطٍ بيانيٍ في التاريخ لوجدنا أنَّ أدنى نقطةٍ من الانحدار الأخلاقي والديني والفكري للشعوب هي مرحلة الجاهلية ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا في حالةٍ يُرثى لها، من غياب العقل وتدني الأخلاق وفعل المنكرات، حتى جاء الإسلام العظيم بتعاليمه الراقية فارتفعت تلك النقطة إلى القمة  قمَّة الأخلاق الكريمة، والعبادات الشاملة بفضلٍ من الله تعالى، وهذا ما ألمحت إليه الآية القرآنية: {{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}} لبقرة257]، وعلى ذلك كانت الشريعة للعقل كالنور للعين، فكما أنَّ العين لا تبصر ولا قيمة لها من غير ضوء، فكذا العقل يفعل المنكرات ويغيب في حال غياب الشريعة الصحيحة..

وعلى ذلك كان عصر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل العصور بلا منازع ولا منافس، لوجود أفضل وأكمل الخلق فيه صلى الله عليه وسلم، وتنزُّل أكمل الرسالات عليه، وكان زمان الصحابة بعده في المرتبة الثانية من الأفضلية والخيرية بمزية صحبتهم ورفقتهم الراقية له، وهذا ما أكَّد عليه صلى الله عليه وسلم حين قال: “خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ <أخرجه الإمام البخاري>، وبهذا أخبر عليه الصلاة والسلام بخيرية العصر الأول من عصور الإسلام..وهنا يتبادر إلى الذهن بعد هذا التبيين، لماذا كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو هريرة وبلال وغيرهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين في هذا العصر ونالوا أفضيلة الخيرية ولم أكن أنا معهم؟؟

لماذا لم نُخيَّر في شأن وجودنا في العصر الذي  نرغب؟؟

و الجواب على ذلك في عدة نقاط:

  • إنَّ الله تعالى اختار لنا –بعلمه الأزلي– ما يناسبنا، و هو خيرٌ لنا من هذه العصور، و إنَّ الإيمان بالله تعالى، وكمال الثقة به و بحسن تدبيره تجعلنا لا نرضى إلا بما رضيه هو لنا، يقول الله تعالى عزَّ شأنه: {{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}} [الأنبياء 23]، وهذا من كمال الرضا والإيمان به تبارك وتعالى..
  • وكما وصف صلى الله عليه وسلم  قرنه بالخيرية فإنه ودَّ لو رأى إخوانه الذين يأتون بعده، وعرَّفهم فقال صلى الله عليه وسلم : “وددتُ أنِّي لقيتُ إخواني، فقالَ أصحابُ النَّبيِّ: أوليسَ نحنُ إخوانَكَ قالَ: “بل أنتُم أصحابي ولكنْ إخواني الَّذينَ آمَنوا بي ولم يرَوني <أخرجه الإمام أحمد> , وهذا كافٍ  لنرضى عن العصر الذي أوجدنا الله فيه مع كمال الثقة باختياره، وعدم تمني ما حصل ولن يتغيَّر، وإنَّ استثمار الواقع الذي نعيشه وتسخيره في الدعوة والعبادة قد يفوق عمل الكثير من السابقين الذين أسلموا وكانت الحياة راغدةً لهم ولا أعداء يكيدونهم ..
  • الصحابة رضوان الله عليهم كانوا في زمن التشريع وأخلصوا في نقله لنا، والآن دورنا وواجبنا في الحفاظ على هذا التراث وإدراكه ونقله وأخذ دورهم الذي قاموا فيه على أكمل وجه دون الوقوف على حيثيات الزمان والمكان، فإننا في زمنٍ القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، وهذا ما لم يكن في زمانهم –مع تأكيد وجود الظلم والعقبات في طريق دعوتهم- والصبر على ذلك يرقى بالعبد درجاتٍ عالية قد لا ينالها من كانت رحلات الدعوة سهلة ميسرة أمامه، والأجر عند الله تعالى.

فاستثمار الواقع المتاح الذي أوجدنا الله تعالى فيه لإدراك منزلة حسنة عنده عزَّ وجلَّ هو خيرٌ من التطلُّع إلى أمر  لم يقسمه الله لنا في علمه الأزلي، والله يحب عبادَه ويريد لهم ما فيه الخير الكبير والإحسان، و إنَّ الغاية من خلق العالمين جميعهم –في أيَّ عصر من العصور- هو عبادة الرحمن {{وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون}} [الذاريات56].

 
 
 

بقلم: محمد زريع