هل يمكنك التحدُّث عن ربِّك لساعة؟
هل يمكنك التحدث عن ربك لساعة؟
استوقفتني حادثةٌ حدَّثني بها أحد الأصدقاء عند سفره سعياً لفرصة عملٍ في الإمارات، وفي أحد أيَّام العطلة خرج مع أصدقائه في نزهةٍ متواضعةٍ إلى ضفاف بحيرةٍ صغيرة، مجموعةٌ من المهندسين من مختلف بقاع الأرض أحدهم من الهند. تبادلنا أطراف الحديث طويلاً حتَّى بدأنا نتكلَّم عن الدِّين. بدأ صديقنا الهندي، وكان يعبد البقرة، فراح يتحدَّث عن إلهه، وعن محاسنها، وبركاتها، وطال الحديث لمدَّة ساعة، حتَّى أوشك البعض أن يقتنع من أسلوب كلامه، وحُسن استعمال ألفاظه، وربَّما راح يفكِّر في عبادة ربِّه. ثمَّ جاء الدور عليَّ للتكلُّم عن الله تعالى، لساني أصبح معقوداً، وأصبحت كالصنم صامتاً، كيف لشخصٍ أن يصف بقرةً لمدَّة ساعة، وأنا لا أستطيع أن أتكلَّم عن الله تعالى مدَّة عشر دقائق فقط.
ومن هنا أردت أن أكتب عن الله حبَّاً ومعرفةً، لكي نعرف: من هو الله؟
التحدُّث عن الله تعالى الخالق المبدع لكلِّ شيءٍ؛ موضوعٌ ذو عمقٍ لانهائي، ويشمل جوانب متعدِّدةً بدءاً من الوجود، إلى المعرفة، والإيمان…
الله في الإسلام هو الأعلى دائماً، هو الذي لا يشبهه شيء، وليس له مثيل، ولنفهم من هو الله، يمكننا النظر إلى عدَّة محاور رئيسية:
- الصفات والأسماء.
- أفعال الله.
- علاقته بالخلق.
- الرسالة التي أوصلها للإنسانية.
لله سبحانه وتعالى في الإسلام تسعةٌ وتسعون اسماً، يعبِّر كلٌّ منها عن صفةٍ من صفات الكمال، وتقدِّم هذه الأسماء فهماً أعمق عن الله، ومن بينها:
**الرحمن**: هو الرحيم بشكلٍ مطلق، وتشمل رحمته كلَّ شيء.
**العليم**: هو العليم بكلِّ شيء، ولا يغيب عن علمه شيء في السماء ولا في الأرض.
**القدير**: هو القادر على كلِّ شيء، ولا يعجزه شيءٌ مهما كان.
**الحيُّ**: هو الحيُّ الذي لا يموت، وكلُّ الكائنات الحية تعتمد على وجوده.
هذه الأسماء ليست مجرَّد أوصاف بل هي تعبيرٌ عن كمال الله اللامحدود وعظمته اللامتناهية.
أفعال الله تشمل: الخلق، التدبير، والإرشاد.
الله هو الخالق الذي أوجد الكون وكلَّ ما فيه من العدم، فكلُّ شيءٍ في الكون يعمل وفق قوانين وضعها الله، وهذا يشير إلى حكمةٍ ودقَّةٍ في الخلق.
**الخلق**: “اللهُ خالقُ كلِّ شيءٍ وهو على كلِّ شيءٍ وكيل” [الزمر: 62].
**التدبير**: يدبِّر الله شؤون الكون بحكمةٍ وعدل، يرزق، ويحيي، ويميت وفق إرادته.
**الإرشاد**: أرسل الله تعالى الرسل والأنبياء لهداية البشر من آدم عليه السلام إلى محمَّد ﷺ، برسالاتٍ تحمل التوجيهات الإلهية للحياة المستقيمة.
علاقة الله بالخلق
الله في الإسلام قريبٌ من خلقه، يسمع دعاءهم، ويستجيب لهم، وهذه العلاقة المتينة مع الله هي ما يميِّز الإسلام، فيمكن لكلِّ مسلمٍ أن يتواصل مع الله مباشرة دون وسيط.
**القرب والاستجابة**: ((وإذا سألكَ عبادي عنِّي فإنِّي قريبٌ أُجيبُ دعوةَ الداعِ إذا دعانِ)) [البقرة: 186].
**العدل والرحمة**: الله عادلٌ في حُكمه، ورحيمٌ بعباده، يغفر لمن يتوب إليه، ويُثيب الصالحين.
القرآن الكريم هو الكتاب المقدَّس في الإسلام، وهو الرسالة النهائية من الله للبشرية. يتضمَّن القرآن توجيهاتٍ للحياة اليومية، القوانين، والقصص التي تحمل العبر. أرسل الله أيضاً الأنبياء ليكونوا قدوةً للبشر في الالتزام بأوامره وتوجيهاته:
**القرآن الكريم**: ((إنَّ هذا القرآنَ يهدي للتي هي أقومُ ويبشِّرُ المؤمنينَ الذينَ يعملونَ الصالحاتِ أنَّ لهم أجراً كبيراً)) [الإسراء:9].
**الرسل والأنبياء**: أرسل الله الأنبياء برسالاتٍ واضحةٍ ليعلِّموا الناس ويهدوهم.
التحدُّث عن الله رحلةٌ لا تنتهي من الاكتشاف والتأمُّل، وكلَّما تعمَّقنا في فهم صفاته، وأفعاله، ورسالته، ازددنا قرباً منه.
الله في الإسلام هو الإله الواحد الأحد، الذي لا شريك له، والذي يجب أن نعبده ونطيعه في كلِّ جوانب حياتنا.