معالم تتضح عن القوة الناعمة

معالم تتضح عن القوة الناعمة
بقلم: أ. محمد كركوتلي

Loading

معالم تتضح عن القوة الناعمة 

لطالما كنت أنظر الى الرياضة بشكلٍ عام وإلى كرة القدم بشكلٍ خاصٍّ على أنَّها لعبة نزاهةٍ تنشر المحبَّة، وتعزِّز التعاون بين أفراد الفريق، أو ربَّما كانت هذه الصورة التي تزرعها في عقولنا “برامج الأطفال، والرسوم المتحركة”، وأنا لا أنكر صحّة هذه الصورة في بعض الحالات.

ولكن، ما الذي تغيَّر في نظري اتّجاه هذه الرياضة؟ ولماذا؟

أشخاصٌ يهرولون وراء كرةٍ مملوءةٍ بالهواء على أرضٍ عشبية، هذه هي كرة القدم في نظري، ولعلَّها نظرةٌ عدميةٌ مجردةٌ قد لا تراها عادلةً، وربَّما تكون وجهة نظري خاطئةً فلعلّك تراها لعبة ذكاءٍ وتخطيطٍ ولياقة.

حسناً ماذا لو كانت وجهتا نظرنا عن كرة القدم خاطئتين معاً من وجهة نظرٍ ثالثة، ماذا لو كانت لعبةً تحمل في طيَّاتها القوَّة، ولكن أين تكمن القوَّة في لعبةٍ تبدو عاديةً لو جرَّدتها؟

تخيَّل معي بعد تجريدها، ولو لم تكن تراها هكذا. كرة القدم هذه من الممكن أن تشعل حروباً بين البلدان

كالحرب بين السلفادور والهندوراس عام 1969، قد تقول لي: هي بلدانٌ متخلِّفةٌ همجيةٌ لا تقدِّر الرياضة، فانظر إلى حادثة ملعب بروكسل، حيث اصطدمت جماهير ليفربول ويوفنتوس عام 1985، فقتل 36 شخصٍ، وجرح أكثر من 550 شخصٍ. قد تقول: هذه حادثةٌ قديمةٌ، فانظر إلى الحادثة التي وقعت بين فينورد الهولندي، وروما الإيطالي عام 2015.

حسناً إن كانت كرة القدم قادرةً على إشعال الحروب، وتحريك جماعاتٍ، فحتمية قدرتها على تغيير معتقدات الأشخاص والتأثير على سلوكياتهم واقعة.

فها نحن نرى كيف يقصُّ بعض الناس شعرهم كما يفعل لاعبهم المفضَّل، ويرتدون ثيابهم كما يرتدي، ويحلمون بالعيش كما يعيش، وهنا يتحقَّق حديث الرسول الكريم صلَّى الله عليه وسلّم: “حتَّى يُقالَ لِلرَّجُلِ: ما أجْلَدَهُ! ما أظْرَفَهُ! ما أعْقَلَهُ! وما في قلْبِهِ حبَّةُ خرْدَلٍ من إِيمانٍ“. فهل يعقل أن تكون هذه القوَّة موجودةً دون أن يسعى الساعون إلى استغلالها.

لقد تمَّ استغلال كرة القدم لتصدير طريقة العيش (life style) الغربية سابقاً، تماماً كما استخدمت أفلام هوليوود.

فقد استخدمت لترويج ثقافة الاستهلاك، ولذلك نرى تسابق الشركات الرأسمالية إلى رعاية المنتخبات والفرق الرياضيَّة.

والأهمُّ من هذا كلِّه ما نراه من استغلال دولٍ وحركاتٍ عالميةٍ لكرة القدم من أجل ترويج أفكارهم، فها هو ذا اليسار الليبرالي يطبِّع الفرق، ويجعل اللاعبين والمنتخبات الرياضيّة تطبِّع مع المثليين وتحمل شعارات المثلية، فهم “يحترمون اختلاف الآراء“.

ولكن إن كنت لاعباً يرفض الترويج للمثلية فعندها ستنهال عليك العقوبات والمقالات المهاجمة، فأنت حرٌّ بما نريدك أن تكون حرَّاً به.

لست أُنكر تسخير هذه القوَّة لمصالح المستفيدين المفسدين فهذا هو الحال منذ أقدم الأزمنة، وهو يطبَّق على كلِّ ما يمكن تطبيقه عليه من مجالاتٍ كتجارةٍ وأموالٍ وصناعةٍ وتكنولوجيا، وإنَّما أُنكر إنكارهم على أهل الحقِّ تسخير هذه القوَّة لصالحهم وهذا ما رأيناه جليَّاً في المونديال القائم حالياً، ولعلَّها أيضاً حالةٌ اعتياديةٌ، فقد حصلت أيضاً في مجالاتٍ مختلفةٍ، وإنَّما الاستثنائيّ والغريب هو استساغة من يعلنون أنَّهم أهل حقٍّ وأصحاب مبادئ لهذه الأفعال، وكرههم توظيف بني جلدتهم هذه القوَّة للخير بحجَّة “الرجعية والتخلُّف” كما لو أنَّها خلقت ليوظِّفها أهل الفساد “الحضاريُّون” .

أرى المشكلة في شبابٍ أكبر همومهم هي: متى يحين موعد المباراة، ومن سيفوز بالمباراة، وما الذي سأقوله وأنشره وأعلِّق به بعد انتهاء المباراة… هؤلاء هم من يسهل اقتيادهم إلى حيث يُراد لهم أن يُقادوا، وما أكثرهم!

محمد كركوتلي

بقلم: أ. محمد كركوتلي

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *