مسدس أم مزهرية

مسدَّس أم.. مزهرية

Loading

مسدس أم.. مزهرية

يقول صانع المسدَّسات: أحببت صناعة المسدَّسات منذ صغري، وصنعت إلى اليوم ما يُقارب مئتي مسدَّس، ومع التطوُّر الحاصل ودخول الذكاء الصناعي أضفت إلى هذه المسدَّسات تقنية الذَّكاء الصناعي فأصبحت تعلَم متى يجب أن تكون جاهزةً للإطلاق وحدَها، وتستطيع أن تتحسَّس وجود خطرٍ، وما إلى ذلك، وقد كانت جميلةً ومُتقنة، إلى أن صنعت يوماً مسدَّساً جديداً، وخطر في بالي فكرة أن أُهدي صديقي الذي يأتي بإجازةٍ من بلاد المهجر هدية، وقد كانت الهدية مسدَّساً صنعته ووضعت فيه زهرةً، ولم يخطر في بالي ما سيحدث، فقد اقتنع المسدَّس المزوَّد بالذكاء الصنعيّ ولأنَّني وضعت فيه زهرةً بأنَّه مزهرية! وصار مصمِّماً على ذلك، فهو في نظره مزهريةٌ وليس مسدَّساً، وتناسى كلَّ التقنيات المصمَّمة لفعاليته في القتل والدفاع عن النفس، ونسيَ شكله، ومعدنه، وزناده… وكلَّ شيء، فهو مزهرية.

وهنا كان لابدَّ من التواصل مع المسدَّس عبر الحاسب لمعرفة ما أصابه، فلماذا انفصل عن هويته، وتناسى واقعه؟ 

وفي نقاشٍ معه عبَّر المسدَّس عن أنَّه يستطيع أن يضع زهرةً في فوهته, وأنَّه أحبَّ هذا الأمر، ووجده أفضل من مهمَّته الأساسية في القتل والدفاع عن النفس، وهذا يعني أنَّه مزهريَّة، وكان جوابي: كونك أحببت عمل المزهرية لا يعني أنَّك في الحقيقة صرت مزهرية، وذلك لأسبابٍ عديدة: أوَّلاً لأنَّك صُنعتَ لتكون مسدَّساً فشكلُك شكل المسدَّس، ومعدنك معدن المسدَّس، وتقنياتك مجهَّزةٌ لأعمال المسدَّس، ممَّا يعني أنَّك بعمل المزهرية لن تكون في الكفاءة المطلوبة، لأنَّك غير مجهَّزٍ لتكون مزهرية، وأنت أصلاً لا تتَّسع إلَّا لزهرةٍ واحدة، وغير مصمَّم لتحتفظ بالماء اللازم للزَّهرة، إضافةً إلى السبب الأهمّ وهو أنِّي إنَّما صنعتُك مسدَّساً لا مزهرية، وأنا من يحدِّد ما ستكون. وإن كنت لا تفضِّل القيام بمهام المسدَّس؛ وتريد عمل المزهرية فإنَّ ذلك لا يجعلك مزهرية، إنَّما أنت مسدَّسٌ شاذٌّ مختلفٌ عن بقية المسدَّسات، ولا يقوم بعملها.

وأخيراً، لايزال المسدَّس يفكِّر بغباءٍ فيما إن كان مسدَّساً أو مزهرية.

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *