مع رجالات حوار -الشيخ الشعراوي-

لا تنازعوا فتفلشوا

Loading

لا تنازعوا فتفشلوا

س: منذ زمنٍ طويلٍ وأعاصير النزاع تهبُّ على العالم الإسلامي… فلا نجد عصراً إلَّا وهناك مِن أبناء الإسلام من يتقاتل بالسلاح… أو يتراشق بالاتهامات… حتَّى وصل الحال إلى أن استعان بعض أدعياء من حكَّام الدولة الإسلامية على إخوانهم المسلمين بأعداء الإسلام من الملحدين الكافرين، ثمَّ لا نرى من بقية الحكام المسلمين إلَّا برقيات الاستنكار… فما أبعاد هذه المشكلة الخطيرة؟

ج: الذي جعل المسلمين يختلفون هو السلطة الزمنية… كلُّ واحدٍ يريد لنفسه ولأمَّته سلطةً زمنيةً، ومادام كلُّ واحدٍ يريد ذلك فلا خير في الحياة… لا خير في الحياة إن لم تنزع هذه الإرادة… نقول لهم: دعوا السلطة الزمنية، وحكِّموا شيئاً واحداً هو الذي لا يتغيَّر من الأشياء، ألا وهو منهج الله سبحانه وتعالى… وإذا كان بيننا وبين بعضنا خلافاتٌ فيجب أن يوجد بيننا قومٌ بمنأى عن هذه الخلافات ليتدخَّلوا في الأمر.

انظروا إلى قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا[الحجرات-9]، الإيمان لا يحرِّم أن تختلف طائفتان من المؤمنين، ولكنَّ واجب الأمة أن يكون فيها من يصلح بين المختلفين… من هم الذين يصلحون؟ وعلى أيِّ أساسٍ يُصلحون؟

الذين يصلحون هم المؤمنون… وعلى أساس منهج الله… لماذا منهج الله؟

رحمته في الجهاد

لأنَّ المصلح قد يتدخَّل بهوىً، فتصبح الأهواء ثلاثة: هوى كلِّ طائفةٍ من الطائفتين، وهوى المصلح، ونحن نريد أن نقلِّل الأهواء، لا أن نزيدها بعداً… بل إنَّ الواجب أن نجعل الأهواء المختلفة هوىً واحداً… أمَّا أن أتدخَّل بهواي فقد زدَّت المعركة بُعداً ثالثاً.

يقول الله تعالى: ﴿إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَ[النساء-35].

فإذا رأيت واحداً تدخَّل في أمرٍ ولم ينته إلى الصلح، فاعلم أنَّه لم يكن يريد الإصلاح… ولابدَّ أنَّ له هوىً ثالثاً.

وفي صدد الإصلاح يقول الله تعالى: ﴿فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّه[الحجرات-9] برجولة الإيمان قاتلوا التي تبغي… فإن فاءت إلى أمر الله فلا تتركوا الأمر على حاله… بل عاودوا الإصلاح… ﴿فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[الحجرات-9]. عاودوا الإصلاح لإزالة أسباب النزاع.

والذي يحدث في العالم الإسلامي شيءٌ مؤسف… والأشد أسفاً أنَّنا لا نجد من المسلمين طائفةً تمثِّل الصلح… كنَّا نرجو أن توجد فئةٌ لا تنحاز إلى جهة، ولكن تمثِّل الوسط المصلح، لتتلقَّى أمر الحقِّ في أن تصلح ذات البين.

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *