سِرُّ تحريمِ الانتحارِ

Loading

يجب أن ندع سلب الحياة إلى من وهبها، ولذلك فإنَّ ذنب قتل الغير يتساوى مع ذنب قتل النَّفس

س: لِمَ حرَّم الإسلام الانتحار, بينما المنتحر لم يؤذ غيره حين انتحر، وإنَّما آذى نفسه، وتخلَّص من حياته هو، ولم يعتدِ على حياة غيره؟
ج: إنَّ الله تعالى هو الذي وهب الحياة، فيجب أن ندع سلب الحياة إلى من وهبها، ولذلك فإنَّ ذنب قتل الغير يتساوى مع ذنب قتل النَّفس، لأنَّه تَعَدٍّ على حقٍّ ليس لك، فإن فعلت أنت ذلك حتى ولو بنفسك تكون قد أخذت حقَّاً ليس لك… ولذلك قال الله تعالی: ((بادرني عبدي بنفسه، فتحرم عليه جنَّتي)).
لأنَّ هذا الإنسان أخذ الحياة التي وهبها له، ثم سلب هو هذه الحياة بنفسه، وهذا ليس من حقِّه.
وسببٌ أخر… وهو أنَّ الذي ينتحر لا يفعل ذلك لوجود أسبابٍ ضاق عن احتمالها، وفي هذا نقصٌ في الإيمان.
فمن فوائد الإيمان تحمُّل الشَّدائد ثقةً بالله عزَّ وجلَّ، فيُصبح الانتحار قُنوطاً من قدر الله، ويأساً من رحمة الله.
ويجب أن نعلم أنَّ الإنسان متعرِّضٌ في هذا الكون الكبير للمُتغيِّرات، والكون كلُّه مُتغیِّر، فلا بدَّ أن يرتبط الإنسان المؤمن بربِّه… فإنَّ تعرَّض لأحداثٍ مکدِّرةٍ، أو ظروفٍ قاسية، فإنَّه يرجع إلى ربِّه، فيكون له أنساً وقوَّةً وملاذاً، فيقوى على مجابهة الأحداث والظُّروف التي مرَّ بها… وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿أَلَاْ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوْبُ [الرعد28].
لأنَّنا نجد القلوب مضطربةً قلقةً بغير ذكر الله، ولكن عندما يذكر الإنسان أنَّ له ربَّاً فإنَّ قلبه يطمئنُّ إلى أنَّه لا يواجه الأحداث وحده، ولا يوجِّهها بقوَّته، ولكنَّه يواجه الحياة وأحداثها بقوَّة ربِّه ومدده، فيطمئنُّ قلبه, ولذلك قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
((عجباً لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلّا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شکر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له)). [رواه مسلم].

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *