رحمته مع النساء

رحمتُهُ ﷺ مع النّساء

Loading

رحمته في الجهاد

((استَوصوا بالنِّساء خيراً)) [صحيح البخاري]، الوصية الخالدة التي تحمل بين طيَّاتها كلَّ معاني السعادة لكلِّ امرأةٍ في هذا العالم… صدرت تلك الوصية بالخير ممَّن عامل نساءه بكلِّ خيرٍ، سواء كنَّ بناتٍ، أو زوجاتٍ، أو محارم، أو أيّ  امرأةٍ عرفته .

المرأة كائنٌ يميل إلى الرِّقة حتَّى يظنَّ البعض أنَّه يسهل استضعافها، فنجد هذه الوصية تقف بالمرصاد لكلِّ من تسوِّل له نفسه أن يستغلَّ رقَّة المرأة وضعف بنيتها، وهذا ليس نقصاً فيها بل هو من أدوات وظيفتها في هذه الحياة، لذا نجد هذه الوصيَّة تتكرَّر بألفاظٍ متعدِّدةٍ ومواقف كثيرة… والسبب هو رغبته  في تأكيدها وتعميقها في النفوس.

(جاء في كتاب “عالمٌ جديد” لفيدريكو مايور):

  • حوالي 880 مليون أُمِّيّ في العالم هم من النساء.
  • ويوجد بين كلّ ثلاث نساءٍ واحدةٌ لا تعرف القراءة والكتابة.
  • وفي مجال الصحة والغذاء: تموت حوالي 600 ألف امرأةٍ كلَّ عامٍ نتيجة المضاعفات المرتبطة بالحمل والوضع كما جاء في تقرير منظَّمة الصّحّة العالمية في شباط 1997م.
  • وإنَّ  70 %من فقراء العالم هم من النساء.

ووفقا لدراساتٍ أُجريت في تشيلي والمكسيك وكوريا فإنَّ ثلثي النساء على الأقلّ تعرَّضن خلال حياتهنَّ لصورةٍ من صور العنف المنزليّ، وهو السبب الرئيسيّ وراء انتحار النساء) انتهى.

كلُّ هذا يدفعنا إلى تقدير تكرار الوصية بالنساء، ومعرفة أنَّها لم تأت عبثاً من نبيٍّ رحيمٍ بأمَّته.

 ((استوصوا بالنساء خيراً)) [رواه البخاري].

استوصوا بهنَّ خيراً فلا يؤخذ لهنَّ حقٌّ.

استوصوا بهنَّ خيراً فلا يتعرَّضن لإهانةٍ.

استوصوا بهنَّ خيراً في المعاملة بالمعروف.

هنَّ شقائق الرجال، فزيدوا في إكرامهنَّ.

وقد يقول قائل: هذا كلامٌ نظريٌّ كلُّنا نقوله، ولا أحد يستطيع تطبيقه، ولكنَّنا نجد تطبيقه بشكلٍ عمليٍّ في بيوت النَّبيِّ بشهادة نسائه.

فقد كان يُجالسهنَّ، ويُمازحهنَّ، ويستمع إليهنَّ، ويُساعدهنَّ، ويقضي ما يستطيع من حاجاتهنّ، وهو من هو : ((خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)) [رواه الترمذي]

لن نستطيع تفصيل جميع المواقف عن رحمته بالنِّساء لكثرتها، وسنكتفي ببعضٍ منها نلمس من خلالها رحمته ولطفه ورقَّته ، ومنها ما رواه البخاريّ عن أنسٍ رضي الله عنه: ((كانت الأمَة من إماء أهل المدينة لَتَأْخُذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت)) [رواه البخاري]، أي كانت الطفلة الصغيرة تريده ليقضي لها أمراً وهو رئيس الدولة وحاكمها وصاحب المشاغل الكثيرة، ولولا علمهنَّ بحسن خلقه ما تجرأن على هذا الفعل.

وأمر بالرِّفق عامَّةً، وبالنِّساء خاصَّةً، فقال : ((ما كان الرِّفق في شيءٍ إلَّا زَانَه، ولا نُزع من شيءٍ إلَّا شانه))، وقال: ((إنَّ الله رفيقٌ يحبُّ الرِّفق، ويعطي على الرِّفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه)) [رواه مسلم]. وعن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ كان في سفر، وكان غلامٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لهُ: أنجشة، فقال النَّبيُّ : ((رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، سَوْقَكَ بِالقوارير(النساء))) [رواه البخاري].

قال قَتادة: “يعني ضَعَفة النِّساء“، وقال النوويّ: “ومعناه: الأمر بالرِّفق بهنّ…

أي: ارفق في سوقك بالقوارير، قال العلماء: سمَّى النساء قوارير، لضعف عزائمهنَّ، تشبيهاً بقارورة الزجاج لضعفها، وإسراع الانكسار إليها ” فياله من تشبيهٍ يملأ قلب كلِّ امرأةٍ بشعور الحبِّ لمن يقدِّر رقَّتها وأنوثتها.

ومن لطفه وحسن عشرته بزوجته أنَّه كان يشرب من موضع شربها، ويُثني عليها، ويُصرِّح بحبِّه لها، ويخرج معها، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كنتُ أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النَّبيّ فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب، وأَتَعَرَّق العَرْقِ [أي آخذ بأسناني العظم الذي بقي عليه شيءٌ من اللحم]، وأنا حائض ثم أناوله النَّبيَّ فيضع فاه على موضع فيّ)) [رواه مسلم].

وقال : ((إنَّك لن تنفق نفقةً إلَّا أُجِرت عليها، حتَّى اللقمة ترفعها إلى فِّي امرأتك)) [رواه البخاري].

 ويُثني على عائشة رضي الله عنها فيقول: ((إنَّ فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) [رواه مسلم]، ويقول عن خديجة رضي الله عنها: ((إنِّي رُزِقتُ حُبَّها)) [رواه مسلم]، وكان ((إذا كان بالليل سار مع عائشة رضي الله عنها يتحدَّث معها)). [رواه مسلم].

لقد أرشد النَّبيُّ  أُمَّته إلى ما ينبغي أن تكون عليه حسن العشرة الزوجية بقوله وفعله، والثابت عنه في هذا الباب أحاديث ومواقف كثيرة، قال ابن كثير: “وكان من أخلاق النَّبيِّ  أنَّه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطَّف بهم، ويوسعهم نفقةً، ويضاحك نساءه… إلى أن قال: “وكان يجمع نساءه كلَّ ليلةٍ في بيت التي يبيت عندها فيأكل معهنَّ العَشاء في بعض الأحيان، ثمَّ تنصرف كلُّ واحدةٍ منهنَّ إلى منزلها. وكان إذا صلَّى العِشاء دخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك  .

وقد قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً[الأحزاب:21].

فالرَّحمة منه طبعٌ وسجيَّةٌ، وليست تكلُّفاً ولا تظاهراً.

لذا نجدها تشعّ في كلِّ تصرُّفاته، ومع كلِّ من يحيط به من صديقٍ أو عدو، كبير أو صغير، رجلٍ أو امرأة، قريب أو بعيد…

كيف لا، وهو الرَّحمة المهداة لهذه الأمَّة… فأحرى بنا أن نتعلَّم منه، ونقتدي به حتَّى تنعكس الرَّحمة خيراً على مجتمعاتنا وفرجاً بعد ضيقٍ لأحوالنا…

نسأل الله أن يرحمنا، ويرحم بنا. 

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *