حضارة التزكية

Loading

حضارة التزكية

وإن شئت فقل: (حضارة التصوُّف)… ولعلّ القارئ الكريم يتفاجأ من هذا العنوان الذي يجمع بين كلمتين لا يظهر بينهما ارتباط، بل تبدوان متناقضتين حسب ما يُروَّج اليوم، فالحضارة: علمٌ، وعملٌ، وابتكارٌ، وإبداعٌ، وبناءٌ، وازدهارٌ، وانتصارٌ، أمّا التزكية والتصوُّف: فزهدٌ، وعبادةٌ، وفقرٌ، وإعراضٌ عن الدنيا…

إنَّ هذه النظرة السلبيّة إلى التصوُّف تُخالف حقيقته الأصليّة والمعنى الذي نقصده. فالتصوُّف هو تطبيق الدين بكماله من عبادةٍ، وسلوكٍ، وتزكيةٍ للنفوس، مع الشعور بالخلافة لله في الأرض بالتعبُّد بعمارتها، ونشر العلوم المفيدة، وإقامة العدل، وبذل الطاقة في نفع الأمّة، مع الإخلاص لله، والابتعاد عن الحظوظ النفسية (حظوظ النفس) ، وعدم التعلّق بالدنيا، وتزكية النفس من حبِّ الظهور، والرياء، والعجب، والكبر، ونحوها من الصفات الذميمة.  

فهذا هو المعنى الحقيقيُّ للتصوّف الذي كان عليه سلف الأمَّة، وإنّ كبار أعلام المسلمين وخلفاءهم وعلماءهم وأبطالهم الذين صنعوا الحضارة الإسلامية كانوا من ذوي التزكية والسلوك منذ صدر الإسلام، فالخلفاء الراشدون، والقادة الفاتحون، والأبطال المقاتلون، وعلماء السلف، كانوا متحقّقين بمعنى التصوّف من تزكيةٍ وزهدٍ، وإليك أنموذجاً يتجلَّى فيه هذا المعنى من  الفاتحين من الرعيل الأوّل:

 عندما انتصر المسلمون في معركة القادسيّة، ورأوا ما لم يخطر في بالهم من الذهب، والجواهر، والتُّحَف، والبهرج، والنفائس التي كانت في مُلك كسرى، لم يأبهوا بها، ولم يدخل أفئدتهم الهلع والاستعظام، ولم يركنوا إلى الدنيا، بل استهانوا بكلِّ ذلك، وكان في أعينهم كالحجارة؛ لأنَّ قلوبهم كانت زاهدةً بالدنيا؛ ونفوسهم مزكَّاة، وفي المقابل فقد أخذوا بكلِّ أسباب القوّة والتخطيط لتحقيق النصر.

وأراد عمر رضي الله عنه أن يرسِّخ لديهم حقارة الدنيا وزوالها، فألبس ثياب كسرى الفاخرة النفيسة لخشبة ونصبها أمامه؛ ليُري الناس ما في هذه الزينة من العَجَب، وأنّ عاقبة الملوك والأكاسرة وثرائهم إلى فناء، فلا تتعلَّق قلوبهم بشيءٍ من الدنيا [انظر: البداية والنهاية: (7/ 78)].

 لذا لا غرو أن نجد ابن خلدون يصف الصحابة والسلف بأنّهم صوفيّة، مع أنّ مصطلح التصوُّف جاء متأخِّراً، فقال: (في علم التصوُّف: هذا العلم من العلوم الشّرعيّة الحادثة في الملّة، وأصله أنّ طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمَّة وكبارها من الصّحابة والتّابعين ومن بعدهم طريقة الحقِّ والهداية، وأصلها العكوف على العبادة، والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدّنيا وزينتها، والزّهد فيما يُقبل عليه الجمهور من لذّةٍ ومالٍ وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة، وكان ذلك عامّاً في الصّحابة والسّلف) [تاريخ ابن خلدون- المقدّمة: (1/ 611)].

فالانقطاع إلى الله والزهد موضعه القلب، ولا يتنافى مع العمل والكسب وتحقيق الانتصارات وطلب العلوم بأنواعها البتَّة، ومن ثمَّ فإنَّ حضارتنا بُنِيت على التزكية والتصوُّف الذي تكتمل فيه عناصر الدين الموصلة إلى مقام الإحسان.

مساهمة علماء التزكية والتصوّف في العلوم الكونيّة في الحضارة الإسلاميّة:

إنّ كثيراً من العلماء الذين ساهموا في علوم الحضارة الإسلاميّة كانوا من أهل التزكية والتصوّف، منهم: 

– الإمام تاج الدين التبريزي:

إمام التصوُّف في عصره، فقد تحدَّث عن العلوم التي درسها، فقال: (سمعت من جامع الأصول على القطب الشيرازي… وأخذت النحو والفقه عن الركن الحديثي، وعلم البيان عن النظام الطوسي، والحكمة والمنطق عن السيد برهان الدين عبيد الله… وأخذت أكثر أقسام الرياضيات وإقليدس وأوطاوقس، وبادوسيوس، ومالاناوس، والحساب والهيئة عن فيلسوف الوقت كمال الدين حسن الشيرازي الأصبهاني، والوجيه في الفقه عن شيخ الزمان تاج الدين حمزة الأردبيلي، وعلم الحساب والجبر والمساحة والفرائض عن الصلاح موسى، وشرح السنة والمصابيح عن فخر الدين جار الله الجندراني، وألبسني خرقة التصوُّف ولقَّنني الذكر تاج الدين الملقَّب بالشيخ الزاهد عن شمس الدين التبريزي) [الوافي بالوفيات (21/ 144)].

فقد درس الإمام التبريزي العلوم الشرعيّة والكونيّة بأنواعها، وأغنى المكتبة الإسلاميّة بكتب الحساب والجبر وغيرها من العلوم، وهو من أهل التصوُّف وعلماء الشريعة.

– العالِم جابر بن حيّان:

مؤسِّس علم الكيمياء، الذي ساهم في بناء الحضارة في المشرق والمغرب، فقد كان من أهل التصوُّف، قال فيه القفطي: (جابر بن حيَّان الصوفيُّ الكوفيّ، كان متقدّماً فِي العلوم الطبيعية، بارعاً منها فِي صناعة الكيمياء، وله فيها تآليف كثيرة ومصنَّفاتٌ مشهورة، وكان مع هذا مُشرفاً على كثيرٍ من علوم الفلسفة ومتقلّداً للعلم المعروف بعلم الباطن، وهو مذهب المتصوّفين من أهل الإسلام، كالحارث بن أسد المحاسبي، وسهل بن عبد الله التستري ونظرائهم) [أخبار العلماء بأخيار الحكماء (ص: 124)].

وذكر ابن المشّاط الأندلسيّ أنَّه رأى لجابر بن حيان بمدينة مصر تآليف فِي عمل الإصطرلاب تتضمَّن ألف مسألة، ووصفه بأنَّه: (لا نظير له)  [المصدر السابق].

وقال ماكس مايرهوف: (يمكن إرجاع تطوُّر الكيمياء في أوروبّا إلى جابر بن حيّان بصورةٍ مباشرة، وأكبر دليلٍ على ذلك أنّ كثيراً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملةً في مختلف اللغات الأوروبّيّة).

 وقد تُرجمت كتب ابن حيّان وبقيت هي المرجع الأوَّل مدى ألف عام، وكانت مؤلّفاته موضع اهتمامِ ودراسةِ مشاهير علماء الغرب، مثل (كوب هولميارد)، (سارتون)، وغيرهم.

– ابن طفيل الأندلسي:

فيلسوفٌ وعالمٌ موسوعيٌّ، فقيهٌ وطبيبٌ ورجل دولة، ومن أشهر المفكّرين العرب الذين خلّفوا آثاراً خالدةً في الفلسفة والفلك والرياضيات والطبّ، وكان من وزراء دولة الموحّدين في وقت عظمتهم، وكان الطبيب الخاصّ للسلطان أبي يعقوب يوسف القيسي أمير الموحِّدين، وكان عالماً محقّقاً، شغوفاً بالحكمة المشرقية، متصوّفاً، طبيباً ماهراً في أصول العلاج، وفقيهاً بارع الإعراب، وكاتباً بليغاً، ناظماً ناثراً، مشاركاً في فنونٍ عدَّة. [انظر: دولة الإسلام في الأندلس (4/ 719)].

ولم تخلُ كتابته عن لمسةٍ صوفيّة، فقد قال في أسطورة حيّ بن يقظان: (…ثمَّ انتقل من العلوم الطبيعية إلى الفلسفة وعلوم الدين؛ وأثبت لنفسه وجود خالقٍ قادرٍ على كلِّ شيء؛ ثمَّ عاش معيشة الزهّاد… وأصبح (حيّ) بعد أن بلغ التاسعة والأربعين من العمر متأهّباً لتعليم غيره من الناس، وكان من حسن الحظ أنّ متصوّفاً يُدعى (أسال) استطاع في سعيه إلى الوحدة أن يُلقي بنفسه على الجزيرة، فالتقى بحيّ… وأقرّ لحيّ بما في عقائد الناس الدينية في الأرض التي جاء منها من غلظة وخشونة، وأظهر له أسَفَه على أنّ الناس لم يصلوا إلى قليل من الأخلاق الطيّبة إلّا بما وعدوا به من نعيم الجنة، وما أنذروا به من عقاب النار) [قصة الحضارة: (13/ 369)].

فقد جعل بين شخصيّة (حيّ بن يقظان) و(أسال) اللذَين يمثّلان كمال الإيمان انسجاماً في معاني التصوُّف وتزكية النفوس، وانتقد المجتمع الذي ابتعد عن ذلك واتّسم بالغلظة والخشونة وغياب مكارم الأخلاق. 

– أبو الفضل عليّ بن الحسين الهمذاني:

الفلكيّ، الحافظ، الرحّال، البارع في الحساب والفلك وغيرها من العلوم، كان صوفيّاً سالكاً طريق أهل التزكية. [انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي (ص: 430)]

وغيرهم كثير.

رحمته في الجهاد

دور أهل التزكية والتصوّف في تخليص البلاد من شرّ الغزو المغولي، ودعوتهم إلى الإسلام:

برزت سمة الرقيّ الفكري والحوار الحضاري لدى أهل التزكية والسلوك في الدور التاريخي الذي قاموا به من دعوة المغول إلى الإسلام، عندما كانوا يعيثون فساداً، وحيثما توسَّعوا توسَّعت معهم دائرة القتل والدمار، فكانوا كابوساً ثقيلاً يجثم على صدور الناس، وذِكرُهم يبعث الفزع والهلع في القلوب.

أمّا علماء التصوّف فقد اتّخذوا سبيلاً آخر في التعامل معهم، فقد كان الشيخ نجم الدين كبرى من أكابر أئمّة أهل التصوّف في عصره، واستمرّ في إرسال تلامذته إلى الأمصار للدعوة إلى الله، وكان من أبرز تلامذته الإمام الباخرزي، وقد أرسله إلى بخارى، وعندما وصلها المغول أرسل الشيخ الباخرزي أحد دعاته إلى (بركة خان) ابن عمِّ هولاكو، أحد القادة الذين جاؤوا للقتل والإبادة، فعرض عليه الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، فأعجب بركة خان بالفكر والروح الذي يتّسم به أهل التصوّف والتزكية، فأسلم، ثمّ أسلمت زوجته وقبيلته، ووقف مع المسلمين ضدّ ابن عمّه هولاكو، ثمّ رجع (بركة خان) إلى دار ملكه (القبيلة الذهبيّة) يدعوهم إلى الإسلام، ويعظّم شعائره، ويبرّ علماءه.

 وأمر (بركة) جنده الذين كانوا في جيوش ابن عمه (هولاكو) أن يخذلوه ويرجعوا، فإن لم يستطيعوا فليتوجَّهوا تلقاء الشام ومصر ليعينوا الملك الظاهر بيبرس على هولاكو، وبذلك انقسم جيش المغول ووقف أتباع (بركة خان) في صفّ المسلمين ممّا أضعف (هولاكو) ومن بقي معه، وكان ذلك سبباً في انتصار المسلمين وهزيمة المغول واندحارهم، فكان دعاة التصوّف أعظم سببٍ من أسباب النصر من خلال تأثيرهم الإيمانيّ ودعوتهم الصادقة التي اخترقت صفوف المغول، وحوّلت العدوّ صديقاً مناصراً مؤازراً، حتى قالوا: كان إسلام (بركة خان) من بركات الشيخ نجم الدين كبرى رحمه الله.

دور علماء التزكية في إصلاح المجتمع، وإنشاء جيلٍ يستعيد قوّته وهيبته ويحقّق النصر:

عندما كانت الحملات الصليبيّة تستهدف بلاد الأقصى وغيرها من بلاد المسلمين، وكانت الخلافة الإسلاميّة في حالةٍ من التشتّت والوهن، والتيَّارات الفكريّة المنحرفة تجرف العقول، والصراعات المذهبيّة تجافي بين القلوب، والفساد السياسي والاقتصادي مستشرياً آنذاك، انبرى علماء التزكية والتصوّف لإصلاح المجتمع، وتخليصه من هذه الحالة التي يعاني منها، وكان أبرز من حمل على كاهله هذه المهمّة الثقيلة أعظم إمامين من أئمّة التزكية: الإمام أبو حامد الغزالي، ثمّ من بعده الإمام عبد القادر الجيلاني .    

أمّا الإمام الغزالي: فقد قام بتشخيص أمراض المجتمع ووهنه، وعمل على إنشاء جيلٍ جديدٍ من العلماء المربّين والربانيين، ووضع منهاجاً جديداً للتربية والتزكية والتعليم، وتصدّى للتيارات المنحرفة والمبتدعة من فلسفاتٍ وإلحاد، وعمل على إصلاح المجتمع وتعليمه وتربيته وتزكيته، ونظر إلى الجهاد نظرةً بعيدةً شاملة، فجعل له ثلاثة مظاهر:

الجهاد التربوي التزكوي، والجهاد التنظيمي، والجهاد العسكري.

أمّا الجهاد التربوي التزكوي: فهو أن يبدأ الإنسان بتزكية نفسه وإصلاحها قبل إصلاح الآخرين.

وأمّا الجهاد التنظيمي: فهو معالجة الخلل الذي وقع فيه المجتمع، من تشتّت وفساد، وظلم وبِدَع وفلسفات إلحاديّة ونحو ذلك، فقام بالإصلاح العامّ وتوحيد الصفّ والكلمة.

ثم بعد أن يتهيّأ المجتمع وتتوحّد الكلمة يأتي دور الجهاد العسكري.

إنّ هذه الخطّة الإصلاحيّة التي ابتدأها الغزالي آتت ثمارها، وتتابعت حلقاتها، حتّى انتهت بتهيئة جيلٍ يدحر الغزاة والصليبيّين، واسترجاع الأرض والمقدّسات.

وأمّا الإمام عبد القادر الكيلاني: فقد اعتمد على التعليم المنظَّم والتربية الروحية، وأسّس المدارس القائمة على العلم والتزكية.

 وكانت في ذلك الوقت رديفاً لهاتين المدرستين الكبيرتين عددٌ من مدارس التزكية، كمدرسة أتباع الإمام الجنيد البغدادي، والمدرسة العدويّة والمدرسة السهرورديّة، ومدرسة الشيخ رسلان الجعبري، ومدرسة الشيخ عقيل المنبجي، والمدرسة الرفاعيّة ونحوها.

ومن خلال هذه الجهود الإصلاحيّة والعلميّة والتربويّة والتزكويّة تمّ علاج الأمراض التي كانت مستشريةً في العقول والقلوب، والفساد الذي أوهن البلاد، فأصلحوا المجتمع، ووحّدوا الكلمة، وبنوا جيلاً قويّاً من القادة والعلماء والأبطال، وكان التلميذ النجيب للشيخ عبد القادر الكيلاني: القائد صلاح الدين الأيوبي، رمزاً لصلاح الحال الذي ساد آنذاك، وكان جيشه قد تلقّى العلم والتزكية عن كبار أهل التصوّف، فدحروا الصليبيّين، واسترجعوا المسجد الأقصى، وأعادوا للمسلمين هيبتهم وقوّتهم. [انظر كتاب: هكذا ظهر جيل صلاح الدين: (101) حتى (239)]

دور أهل التزكية والتصوّف في حركات التحرّر ومواجهة الاحتلال الأوروبّي:

لم يتوان أهل التزكية والتصوّف عن رعاية القضايا الكبرى للأمّة، بل كانوا هم الطليعة في تحمّل المسؤوليّة، فأكثر الثورات التي قامت، والجيوش التي قاومت الاحتلال الأوروبّي كانت متمثّلةً بأصحاب التصوُّف والتزكية، ولا مطمع لنا بإحصائهم لكثرتهم، ولكن سنذكر طرفاً من رؤوس أصحاب الثورات الشهيرة في البلاد العربيّة:

ففي مصر:

كان للبكريّين دورٌ بارزٌ في مقاومة الاحتلال، وعلى رأسهم الشيخ علي البكري نقيب الأشراف في مصر وشيخ مشايخ الطرق الصوفيّة، الذي جمع العلوم الشرعيّة والكونيّة العصرية، وكانت تُعقَد في بيته أخطر الاجتماعات الدينيّة والسياسيّة، وبثّ روح الوطنيّة لمواجهة الاحتلال بأنواعه.

وكذلك القائد أحمد عرابي صاحب الثورة الذي طبقَّت شهرته العالم الإسلامي، وتواصل مع حركات التحرر في البلاد العربيّة، وتعاطفت معه الشعوب، وكان جنده يقضون الليل بتلاوة القرآن وحلقات الذكر.

وكان في القيادة العليا لثورة عرابي الشيخ حسن العدوي، والشيخ محمّد علّيش، والشيخ محمد القاياني، وهم من كبار أهل التصوّف.

وفي الجزائر:

الأمير عبد القادر الجزائري، الذي قاد جيشاً منظّماً بمباركة شيوخ الطرق الصوفيّة، وقد ناف عدده على خمسة عشر ألف مقاتل، وأجبر الفرنسيين على الانسحاب من غربي الجزائر، لكنّ الوحشية الفرنسيّة اتّبعت سياسة الأرض المحروقة فقتلوا الرجال والنساء والصبيان، ممَّا اضطر الأمير للانسحاب حقناً للدماء، لكنّ جذوة الجهاد والمقاومة لم تنطفىء حتَّى قرّت أعين الجزائريّين بجلاء الاحتلال الفرنسي.

وفي السودان:

محمد المهدي شيخ الطريقة السمّانيّة، وقد ضمّ عشرات الألوف من التلامذة المخلصين إلى ثورته في مقاومة الاحتلال البريطاني.

وفي ليبيا:

كانت الطريقة السنوسيّة وشيخها عمر المختار الذين أبلوا بلاء حسناً، وقاوموا الاحتلال الإيطالي وكبّدوه خسائر فادحة.  

وفي المغرب:

ثورة الشيخ محمد عبد الكريم الخطابي، الذي وقف في وجه الاحتلال الفرنسي، وصنع المعجزات في مقاومتهم.

وفي الشام:

كانت إدارة الثورة ضدّ الفرنسيّين بيد محدّث الديار الشاميّة الشيخ بدر الدين الحسني، وتلميذه الشيخ علي الدقر صاحب المشرب الجنيدي، والشيخ محمّد الهاشمي، والشيخ محمد بن يلّس، وغيرهم من شيوخ الطريقة الشاذليّة، والعلماء الذين حولهم، الذين جمعوا بين العلم والعمل والتزكية، وجلّ الجيوش المقاتلة تنتمي إلى هذه المدارس.

ومن ثمّ نجد أنّ دور علماء التزكية والتّصوّف كان بارزاً في مفاصل الحياة العلميّة والدعويّة والفكريّة والإصلاحيّة والعسكريّة، وكان لهم أثرٌ كبيرٌ في صناعة الحضارة الإسلاميّة، والقضاء على الفساد، وتحقيق النصر والعزّة للأمّة.

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *