المرأة نصف المجتمع

Loading

ولكنَّها لم تنظر إلى وراء، ولم تلتفت إلى التراب تحت قدميها, وإنَّما ظلَّت ناظرةً مبهورةً دائماً إلى الغرب, على حين ظلَّ هو شاخصاً إلى الشرق, إلى مطلع الأنوار

#المرأة نصف المجتمع…
عبارةٌ سمعناها مراراً وتكراراً من جميع فئات المجتمع، ويضاف: إنَّ لها الحقُّ في التَّعبير عن رأيها في كلِّ كبيرةٍ وصغيرة…
فيطرح هنا سؤال: هل كانت #المرأة على هذه الحال منذ العصور الأولى؟
هل كان للمرأة حقٌّ محفوظٌ في العصور الأولى؟
أسئلةٌ تخطر في بال كلِّ من يقرأ عن دور المرأة الحالي في المجتمع…

استغرق موضوع المرأة والدِّفاع عنها وإعطاؤها حقَّها المداد الكثير في العالم الإسلامي، ولا غرابة في ذلك على الإطلاق، فالمرأة هي نصف المجتمع حقَّاً، ويمكنها الحصول على حقوقها وحفظ كرامتها… ولها كامل الاحترام والتَّقدير تماماً كالرَّجل، فهي شريكته في الأمور كلِّها، وهما مخلوقان من أصلٍ واحدٍ كما قال تعالى: ﴿يا أيُّها النَّاسُ اتَّقُوا ربَّكم الذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحدةٍ وخَلَقَ مِنها زَوجَها وبثَّ مِنهما رِجالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذي تَسَاءَلُوْنَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبَاً [سورة النساء/آية8]

أمَّا عن تعاملهم مع #المرأة في العصر الجاهليّ فقد كانوا قبل #الإسلام يعاملونها بكلِّ همجيَّةٍ، مما يدلُّ على قسوتهم وانعدام الرَّحمة والإنسانيَّة من قلوبهم… كانوا يقتلونها وهي طفلةٌ صغيرةٌ، وكانت تُدفَنُ وهي على قيد الحياة حتَّى تموت!
كيف لقلبك أن يحتمل دفن طفلةٍ صغيرةٍ لا تعرف من الدُّنيا شيئاً، ولم تؤذيك في شيء، ما هذا #القلب القاسي؟ وعجباً لهذا التصرُّف الشنيع الذي عدَّه ديننا كبيرةً من الكبائر، وقد أنزل الله تعالى في كتابه الكريم آيةً عن عادة الوأد تلك، تحذِّر منه.
﴿وَإِذَا الْمَوْءُوْدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ[سورة التكوير/آية8]
حتَّى جاء الإسلام برحمته وعظمته وكرَّم الأُنثى منذ أن كانت طفلةً، وفي الحضِّ على مودَّتها قال ﷺ : ((لا تكرهوا البنات فإنَّهنَّ المؤنسات الغاليات)) [أخرجه أحمد والطبراني]

وممّا كان يقوله الإمام أحمد ابن حنبل إذا بلغه أنَّ احد أصحابه رُزِق ببنت:
(أخبروه أنَّ الأنبياء آباء بنات، ولا يزال الرَّجل عقيماً من الذراري حتَّى يُوهب البنات، وإن كان له مائة من الأبناء). [سيرة الإمام أحمد:40]

لقد أمر الإسلام بالرأفة بالأنثى ومودَّتها ورحمتها، فقد حظيت في #الإسلام بالرَّأفة والرَّحمة منذ أن كانت طفلةً صغيرة.
وبعد أن كبرت تلك الطِّفلة الصَّغيرة، وأصبحت شابَّةً ناضجةً، وأكرمها الله بالزَّواج، ثُمَّ بالذُّرِّيَّة، وأصبحت أمًّا لأطفالٍ تسهر ليلها معهم، وتقضي أوقاتها جميعها في خدمتهم وتربيتهم وتعليمهم، وتحرم نفسها كثيراً من الأمور لكي تعطي أولادها جميع ما يستحقُّونه، نجد السُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفة أكرمتها، وأعظمت برَّها، وأعطتها الاحترام والتقدير كلَّه:
((عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله ﷺ فقال: مَن أحقُّ النَّاس بحسن صحابتي؟ قال: أمُّك، قال: ثُمَّ من؟، قال: أمُّك، قال: ثُمَّ مَن؟ قال: أمُّك، قال: ثُمَّ مَن؟ قال: ثُمَّ أبوك“. [متفق عليه]

لقد كرَّر النَّبيِّ ﷺ لفظ الأمِّ مراراً لأنَّها تتعب وتسهر وتعطي كلَّ ما تملك لولدها، وهي الَّتي حملت به تسعة أشهرٍ ألـماً ووهناً.

ثمَّ نجد الإسلام كرَّم المرأة في زواجها، حيث شرَّعَ لها الصّداق وهو (المهر)، وقد فرضه الله عزَّ وجلَّ على الزَّوج تكريماً للمرأة، وإظهاراً لصدق رغبته بها، ولتكون عنده عزيزةً كريمةً ليست مُهانةً أو لا قدْرَ لها، ولا لتكون خادمةً ذليلة، على العكس تماماً، فهي المطلوبة لا الطَّالبة، وهي المعزَّزَةُ لا المهانة.
وبعد ما ذكرناه من إكرام الإسلام للمرأة، فهل يعقل أن يكون قد نسي تكريمها وإعطاءها حقَّها كاملاً من غير نقصانٍ، شأنها شأن الرَّجل في الميراث؟
لا والله لقد أعطاها هنا حقَّها كاملاً، وأُنزلت آياتٌ في كتاب الله الكريم توضح حقَّها، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿للِّرجالٍ نَصِيْبٌ ممَّا تَرَكَ الوالِدَانِ والأقْرَبُوْنَ ولِلنِّساءِ نَصِيْبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُوْنَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيْبَاً مَفْرُوْضَاً[سورة النساء/آية7]

وقال تعالى واصفاً حقَّها ومبيِّنه: ﴿يَسْتَفْتُوْنَكَ فِي الكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوْا إِخْوَةً رِجَالَاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوْا وَاللهُ بِكُلِّ شَيء ٍعَلِيْمٌ[سورة النساء/آية 127]

هذا هو الإسلام، دين الرَّحمة والإنسانيَّة… هذا هو الإسلام الَّذي أعزَّ المرأة، وجعل لها رأياً في كلِّ ميدان، شأنُها شأن الرَّجل، لا يزيد عنها بشيءٍ… فهي قويةٌ بدينها وعلمها وعقلها، وتراها عند أصعب المواقف كالرِّجال أو أكثر، لا تخاف ولا تخضع لمن يريد أن يستغلَّ ضعفها وتبدو شجاعةً قويَّةً.

لقد جعل الإسلام المرأة في حصنٍ حصينٍ من كلِّ لئيمٍ يريد أن يظلمَها أو يُهينَها أو يجعلَها بلا قيمة. وبعد هذا كلَّه يأتي أحدهم ويقول لك: الإسلام ظلم المرأة!

إنَّهُ لم يقرأ عن الإسلام شيئاً، ولم يقرأ القرآن الكريم والسُّنَّةَ النَّبويَّة بفهمٍ وتمعُّنٍ حتَّى يعلمَ ويفهمَ كيف أعزَّ الإسلام المرأة، وجعل لها الاختيار والرَّأي والتَّكريم.

وختاماً: الحمد لله الَّذي جعلنا من هذه الأمَّة الـمُحمَّديَّة المسلمة العادلة، وجزى الله سيِّدنا مُحمَّداً ﷺ عنَّا ما هو أهله.

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *