الكافر الصالح ودخول الجنة - مستطيل-

إلى المنطقة الصناعية، يذهب زيد وعمرو يومياً من الصباح إلى  المساء، حيث يعمل زيد في معمل لصناعة المنتجات البلاستيكية أما  عمرو فيعمل في معمل مجاور له للألبسة الجاهزة..

يتميز زيد بدقة مواعيده، وإخلاصه ، ومثابرته، ونشاطه في عمله ومساعدته لزملائه، وحبه للعمل الإضافي، ولا يُعرف عنه أنه تغيب أو قصّر في عمله يوماً.
بينما  يحاول عمرو في معمل الألبسة الجاهزة التهرب من العمل، ويتأخر في أداء مهامه،  محاولاً التملص منها، فيطلب الكثير من الإجازات، وسجله مليءٌ بالغيابات غير المبررة.
 يوماً ما اتفق مدير كل معمل مع عماله أن يكون أجرهم مع المكافآت والحوافز في نهاية العام ، وكان العمال جميعهم ومنهم زيد وعمرو يعملون على أمل أن ينالوا أجراً كبيراً، ومكافآت عظيمة وعدهم بها مُدراؤهم .
 تحدث العمال فيما بينهم عن مشاريع وخطط وآمال يصرفون فيها المال الذي يُدخر لهم.
 وفي نهاية العام ، جمع صاحب معمل الألبسة عماله، وأعطاهم أجورهم مع المكافآت الموعودة، و أخبر عمراً  بأنه قد سامحه على تقصيره في عمله و أنه لم يستثنه من المكافآت والحوافز التي صرفها، بل أعطاه مبلغاً كبيراً لم يكن عمرو يتخيله.
وفي معمل المنتجات البلاستيكية، اجتمع العمال ينتظرون من مُدرائهم الأجور والمكافآت المأمولة، لكن المدراء لم يأتوا، وتركوا لهم رسالة مفادها أنهم لايستطيعون إعطاءهم قرشاً واحداً.
أصيب العمال بالصدمة والذهول، ونظروا إلى العام الذي عملوا فيه، والجهد الذي بذلوه، فوجدوه هباءً منثوراً.

شعرَ زيدٌ حينها بحزن كبير، وجرح عميق، لقد كان مخلصاً محباً دؤوباً نشيطاً أخذ العمل ُكلَّ حياته ووقته، فكيف بعد ذلك  يحرم   أجره ؟
في طريق الرجوع إلى البيت وكالعادة يستقل زيدٌ وسيلة المواصلات مع عمرو، فيلحظ على وجهه علامات الفرح والسرور، وينظر إليه متسائلاً، فيخبره عمرو بما جرى له من مسامحة مديره الكريم له على تقصيره وإعطائه الكثير من المال.
استشاط زيد غضباً، وبدأ باتهام صاحب معمل الألبسة بالظلم والتمييز، فكيف يعطي عامله المقصّر هذا العطاء، ولا يعطي زيداً النشيط الدؤوب شيئاً؟
أجابه عمرو باستغراب شديد: كيف تريد من مدير معملي أن يعطيك أجراً وأنت تعمل لصالح مدير آخر.
زيد: لأنني عامل مخلص وأنت مقصر فكيف يعطيك ولا يعطيني؟
عمرو: هل كنت تعمل لأجل صاحب معمل الألبسة أم لأجل صاحب معمل المنتجات البلاستيكية؟
زيد: بل صاحب المنتجات البلاستيكية.
عمرو: اذهب إليه واتهمه هو بالظلم، لماذا تعمل طيلة العام في معمل ثم تطلب من صاحب معمل آخر أن يعطيك أجرك، هل تعتقد أن هذا الطلب يتوافق مع  العقل ؟
 ويستمر الجدل بين زيد وعمرو إلى يومنا هذا

نسأل – الآن- مَن لا يؤمن بوجود الله “مِن الذين يقومون في حياتهم  بأعمالٍ جيدة”: هل تريدون أجراً من الله على أعمالكم؟
إذا كان من يعمل العمل لا يطلب أجراً عليه من الله، فلماذا تطلبون من الله أن  يعطيكم أجراً،  وإن لم يفعل ذلك وصفتموه بالظلم؟
لسان حال من يحمل الفكر الإلحادي يقول: أنا أحاربكم وأحارب دينكم وعقائدكم وجنتكم وناركم، لكنكم إن قلتم أني لن أدخل الجنة فإنكم ظالمون إقصائيون.

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *