مع رجالات حوار -الشيخ الشعراوي-

العدل الإلهي في العقوبة

Loading

العدل الإلهي في العقوبة

س: قد يكون جزاء المعصية خلوداً في النار كما جاء في القرآن الكريم، فهل يتناسب عقاب العاصي بالخلود في النار على عمل معصيةٍ من المعاصي ويكون عدلاً؟

ج: بالنسبة لتناسب العقوبة نقول أوَّلاً:

هل أنت مؤمنٌ بالمعاقِب (بكسر القاف)، أم غير مؤمنٍ به؟

هناك أوَّلاً الإيمان بالمعاقِب، والإيمان بعدالته، فإذا كنت مؤمناً به، فلا يصحُّ مطلقاً أن تردَّ الأعمال إلى تشكيكٍ في أصل القضية، لأنَّك تسأل: هل تتناسب العقوبة مع الذنب؟ فهو الذي خلقك وقال: هذه جريمة، وهو الذي قنَّن لها العقوبة، فلا أستطيع أن أقول: هل تتناسب العقوبة أو لا تتناسب.

نعم تتناسب، لأنَّ الإنسان لو نظر نظرةً عامَّةً دون أن يدري أنَّ هناك ديناً، فإنَّه يهتدي بفطرته إلى أنَّ وراء هذا الكون قوَّة، فيكون إنكار هذه القوَّة خيانةً عظمى…

والخيانة العظمى لا نستكثر عليها عقوبة الخيانة العظمى في ذات الإيمان بوجود الحقّ، وفيما عدا ذلك هل هو داخلٌ في نطاق المغفرة أم لا؟ 

الإجابة عن هذا قوله تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ(سورة النساء-48).

فما دام الذنب داخلاً في قمَّة الكفر وهي الخيانة العظمى، فلا يجوز أن يقال: إنَّ العقوبة أكبر من الذنب لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(سورة لقمان-13).

إذا ذهبنا لنقارن بين الجريمة وعقوبتها بعقولنا نقول: هناك فرقٌ بين جريمةٍ في القمَّة، وجريمةٍ في غير القمَّة… فالجريمة التي تكون في ذات الله تعالى سبحانه ليس أكبر منها جريمة، إنَّ الخيانة عقوبتها كبيرة، أمَّا فيما عدا ذلك فالحقُّ يتجلَّى بالمغفرة، حتَّى لا ييأس عباده.

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *