الشذوذ الجنسي من الناحية التاريخية

الشذوذ الجنسي من الناحية التاريخية
بقلم: أ. محمد زياد الوتار

Loading

رحمته في الجهاد

70 عاماً كانت كفيلةً بقلب المعايير! هل أصبح الشذوذ الجنسيّ أمراً طبيعياً؟

(سلاحٌ للدَّمار الشامل) هو الوصف الأدقُّ لما يواجه العالم اليوم من السُعار الجنسيّ الذي وصل إليه المجتمع الغربيُّ، والذي يسعى جاهداً لنشره عالمياً وفقاً لأجندته الإعلامية في صورةٍ جديدةٍ رسمها للعلاقات الجنسية. شكلٌ لم يعهده الإنسان سابقاً بعد أن فُتح الباب على مصراعيه في عالمٍ من العلاقات المفتوحة.

علاقاتٌ جنسيَّةٌ بلا حدود، لا تجد فيها أيَّ ممنوعٍ أو محظور، كلُّ شيءٍ مباح، كلُّ شيءٍ مسموح، وأيَّاً كان الأمر الذي تفعله، ومع أيٍّ كان، أيَّاً كان جنسه (كلُّه مباح إن تمَّ بالتراضي بين الأطراف). علاقةٌ لا رادع فيها لأيِّ ممارسةٍ تتمُّ تحت مظلَّة القانون والتراضي بين الطرفين، بل لربَّما قولنا: الأطراف هو وصفٌ الأدقُّ، لأنَّ العلاقة المفتوحة تعدَّت كونها علاقةً جنسيَّةً بين اثنين فقط!

يظهر ذلك بالتزامن مع النزعة الفردية التي طفت مؤخَّراً على السطح، والتي تهدف إلى تأليه الإنسان، وإشباع رغباته وشهواته في المقام الأوَّل. فلا يهمُّ البتَّة إن حكمت نتائجها اليقينية بتشويه القيم والأخلاق والفضيلة، أو دمار الجنس البشريّ عندما يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء. يتمُّ كلُّ ذلك عبر تجنيد آلاف القنوات والآلات الإعلاميَّة من قنواتٍ فضائيَّةٍ، ومواقع عبر شبكة الإنترنت تنشر الفحش والرذيلة على مدار الساعة بأشكالٍ تروِّج للشُّذوذ الجنسيّ والانحطاط الأخلاقيِّ حتَّى في المواد الترفيهية التي تُقدَّم للأطفال، فضلاً عن دمج تلك الأفكار في المناهج التعلميَّة ضمن المواد المدرسية في فصولٍ مبكرةٍ لأطفالٍ لم يُتمُّوا السابعة من العمر.

سُعارٌ فكريٌّ يهدف إلى تكوين ثقافةٍ جنسيَّةٍ منحلَّة ٍمن أيِّ قيدٍ أخلاقيٍّ ينظِّمها في مجتمعٍ يسعى إلى التفلُّت ممَّا يسمَّى “سجن الزواج” ليصبح الجنس وإقامة علاقاتٍ متنوِّعةٍ هو الوسيلة الأساسية للاستمتاع. تلك الحالة من الانفلات الحيوانيّ التي توفِّرها العلاقات الفاسدة محوِّلةً الوسيلة إلى غايةٍ في حدِّ ذاتها، يجري كلُّ ذلك تحت مظلَّة القانون وحمايته لتكون هذه الممارسات متاحةً في أيِّ وقتٍ، متدنِّيةً بالإنسان إلى أسفل مراتب الشذوذ الفكريِّ والأخلاقيِّ.

وبعد، هل سمعت بـ(حركة تحرير المثليين)، أو هل تعرف ما هو مجتمع الميم؟

حركة تحرُّر المثليين: هي حراكٌ اجتماعيٌّ للشواذّ، يسعى لمنح كلِّ  الحقوق المدنيَّة للمثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسيّ ممَّن يطلقون على أنفسهم (مجتمع الميم LGBTQ). وبعد أن كانت المثليّة جريمةً يُعاقب عليها القانون أصبحت أمراً طبيعيَّاً ينظِّمه القانون ويحميه في معظم دول أوروبا بل ويمنح أصحابه الحرية والرعاية.

لربَّما تسأل نفسك الآن: كيف حدث ذلك؟ وكيف يرعى القانون أمراً شائناً كهذا، كان في وقتٍ ما من الزمن خارجاً عن القانون والأعراف والأديان؟

تاريخياً، وبالعودة إلى الوراء، وتحديداً إلى ستينات القرن الماضي، يمكننا أن نقول إنَّ معظم القوانين في أوروبا لم تتقبَّل المثلية الجنسية في بادئ الأمر بل على العكس تماماً كانت تجرِّمها وتعاقب عليها، وذلك عندما كان الدين المسيحيُّ هو الحاكم في أوروبا عموماً، وقد فرضت المسيحية عقوبة الإعدام ضدَّ من تثبت عليه تلك الجريمة، ففي القرن السادس عشر، صنَّف المشرِّعون في بريطانيا السلوك المثليَّ على أنَّه سلوكٌ إجراميٌّ وليس مجرَّد سلوكٍ غير أخلاقيّ.

 

إذن كيف تغيَّرت الحكاية وتبدَّلت المعايير؟

في بريطانيا وتحديداً في ثلاثينات القرن الخامس عشر أصدرت إنجلترا قانون اللواط، ووضعت له عقوبة الإعدام شنقاً، وذلك حتَّى عام 1861م، وبعد عشرين عاماً في حوالي 1885م، أثبت قانون العقوبات الألمانيّ الأخير في الفقرة (175) تجريم العلاقات المثلية بين الذكور مع عقوبة السجن والحرمان التامّ من الحقوق المدنية، واستمرَّ هذا الأمر طيَّ الكتمان والسرية بين أفراد مجتمع الميم حتَّى نهاية القرن التاسع عشر، ولم يُرصد أيُّ حراكٍ اجتماعيٍّ يُدافع عن حقوق الشواذّ أو يعلن عنهم؛ لكن وكما هو الحال دائماً إذا أردت لفكرةٍ ما أن يتمَّ تقبُّلها في المجتمع فعليك أن تمهِّد لها الطريق عبر وسائل الإعلام.

إنَّها الطريقة المثلى التي يمكن أن يروَّج من خلالها للأفكار الجديدة. ولأنَّ الشعراء والمفكِّرين هم أهمُّ أدوات الإعلام في ذلك الوقت فقد أعلن اللورد ألفريد دوغلاسحبَّه لشريكه، وميوله المثليّ الجنسيّ لعشيقه أوسكار وايلد في قصيدته التي كتبها عام 1890 بعنوان: “Two Loves عبر قوله صراحةً في قصيدته “أنا المثلية الجنسية؛ أنا الحبّ الذي لا يجرؤ أحدٌ على التحدُّث باسمه”.

تسميمٌ واضحٌ للمفاهيم، وكسرٌ للصورة النمطية لمفهوم الرجولة والأنوثة عبر أجندةٍ إعلاميَّةٍ ممنهجة، وهي السمة الواضحة التي اتَّبعها الإعلام الأمريكيّ عبر وسائله المختلفة لإقناع الناس بأنَّه لا مانع من أن يكون الرجل مخنَّثاً أو أن تكون المرأة مسترجلة، فترويج الفكرة في قالبٍ ترفيهيٍّ أو دراميٍّ يهدف إلى تمرير فكرة تخنُّث الرجال لدى عموم الناس، وهذا أمرٌ واضحٌ، وليس رسالةً خفيَّةً لا يُدركها أيٌّ كان، بل  لطالما روِّج لذلك عبر المنصَّات الإعلاميَّة بمختلف أشكالها.

فعلى سبيل المثال: صوَّرت الممثِّلة الأمريكية سارة سيلفر مان في إعلانٍ لها هذا الاتجاه عندما مثَّلت إعلاناً على أنَّها طبيبة تجري عملية ولادةٍ لإحدى النساء، وبعد تأكُّدها من صحَّة المولود تتوجَّه إلى الأم لتخبرها بلهجةٍ حزينةٍ عن جنسه، فتقول:

 “أنا آسفة… إنَّه ولد“، ورغم أنَّ الإعلان صُوِّر بطريقةٍ ساخرةٍ وسياقٍ كوميديّ إلَّا أنَّ ما ورائيَّاته كانت واضحةً، وتهدف لزرع فكرةٍ فقط، فكرةٍ نافذةٍ وقادرةٍ على تدمير المجتمع السليم، فهذا الإطار يضع الولد في موضع الاتِّهام منذ نعومة أظفاره، وعليه ألَّا يخضع لقيم الرجولة مطلقاً، وهذا هو التمهيد الحقيقيُّ لتدمير معاني الرجولة، وخلق ميلٍ يُشعر الذكور من الأطفال ممَّن يُتاح لهم مشاهدة هذا الإعلان بأنَّهم منقوصي الهويَّة!

مقدِّماتٌ مهّد لها الإعلام الأمريكيّ عبر زرع فكرةٍ سامَّةٍ ليصادق عليها المجتمع، يرويَها ويتعهَّدها فلاحٌ نشيطٌ يقوم بدوره الواضح وهذا الفلاح هو (البرلمان) الذي استخدم أداته (القانون) في سنِّ التشريعات التي تتيح للشواذِّ ممارسة حرِّيَّاتهم صراحةً وعلناً في المجتمع. وكما هو متوقَّعٌ؛ تبادر وتمتثل الحكومات في أوروبا لدعم أيِّ فكرةٍ تٌدمِّر الأسرة والعلاقات السلميَّة تمهيداً لنشر فوضى الأخلاق، متذرِّعةً بأنَّها بلدان الحريَّات المفتوحة، ففي عام 1897 مُنح المثليّون من الرجال والنساء صوتًا انتخابياً مع تأسيس اللجنة العلمية الإنسانية (Wissenschaftlich-humanitäres Komitee؛ WhK) في برلين في ألمانيا مع حقِّ تقديم التماسٍ للمطالبة بإلغاء الفقرة 175 من قانون العقوبات، والتي كانت تجرِّم المثلية والمثلييين في عهد هتلر.

 كما نشرت اللجنة العلمية آنفة الذكر مؤلَّفاتٍ تروِّج للتَّحرُّر الجنسيّ، ورعت تجمُّعات المثليين، وقامت بحملاتٍ لدعم التغيير القانونيّ في جميع أنحاء ألمانيا، وكذلك في هولندا والنمسا، وبحلول عام 1922 كانت قد طوَّرت حوالي 25 لجنةً محلّية للمثليين.

كان مؤسِّس هذه الجمعية هو ماجنوس هيرشفيلد Magnus Hirschfeld، الذي افتتح في عام 1919 معهد العلوم الجنسية (Institut für Sexualwissenschaft)، والذي تبعته بعد عدَّة عقودٍ مراكز أخرى (مثل معهد كينزي لأبحاث الجنس والجندر والتكاثر في الولايات المتحدة).

ساعدت هذه المراكز برعاية الرابطة العالمية ما أسموه: الإصلاح الجنسيّ، والتي تأسَّست عام 1928 في مؤتمرٍ عُقد في كوبنهاغن. وبذلك  أصبحت السلطات أكثر تسامحاً مع النزوات الليلية للمثليين.

إبَّان الحرب العالمية الثانية، لم يكن النشاط الاجتماعي والسياسي للمثليين مرئيًا بشكلٍ عام، وكثيراً ما تتبَّعتهم الشرطة أينما تجمَّعوا؛ لكنَّ هذا كلَّه تغيَّر بعد الحرب العالمية الثانية؛ فقد جلبت الحرب العديد من الشباب إلى المدن، وسلَّطت الضوء على مجتمع المثليين.

أثار الحضور الاجتماعيّ للمثليين في الولايات المتَّحدة بعض ردود الفعل العكسية، لا سيما من الحكومة والشرطة؛ فغالباً ما فُصل موظَّفوهم من الخدمة المدنية، وحاول الجيش كثيراً تطهير صفوفه من الجنود المثليين، لكن تحت هذه القشرة من الملاحقة القانونية كان هناك حراكٌ سياسيٌّ واجتماعيٌّ أكبر يهدف إلى إلغاء تجريم المثلية الجنسية.

إنَّ تخصيص جمعياتٍ وناشطين وفنَّانين ومشاهير وقوانين تتحدَّث في شأن المثلية أمرٌ يجعل الشذوذ مسألةً اجتماعيةً وقضيةً تتملَّك سلطةً واضحةً عبر الأجندة التي قُدِّمت بها بهذا الشكل الجديد حيث تصبح النقاشات العلميَّة ودراسات الأخلاق والقانون والإنتاج الفنيّ مسألة متخصِّصين؛ بمعنى أنَّه لم يعد مسموحاً أن يترك للعامَّة حقُّ الحكم الأخلاقيّ على تلك الممارسات بوصفها أخلاقيةً أو غير أخلاقية، حتَّى لو كانت في فجاجة المثلية؛ بل صادَر من يسمِّيهم المجتمع الحديث: “المتخصصون” حقَّ الكلام في التصنيف الأخلاقي والعلمي، وبعد أن كانت جرماً في يومٍ من الأيَّام أصبح لا يمكن لك أن تتحدَّث عن هؤلاء بسوءٍ، وخصوصاً بعد أن أعلن عددٌ كبيرٌ من المسؤولين في أوروبا عن ميلهم الجنسيّ المثليّ وشرِّعت القوانين لحمايتهم.

الطامَّة الكبرى، أُشعل فتيلها في منتصف القرن العشرين، عندما بدأت المنظَّمات الداعمة للمثلية في التزايد فتأسَّس مركز Cultuur en Ontspannings (“مركز الثقافة والترفيه”)، أو COC، في عام 1946 في أمستردام.

وفي عام 1950 أسَّس هاري هاي في لوس أنجلوس أوَّل منظَّمةٍ للمثليين الذكور، تحت اسم جمعية ماتاشين إضافةً إلى تأسيس منظَّمة مثليات بيليتس عام 1955 على يد فيليس ليون وديل مارتن في سان فرانسيسكو.

تتسارع الأحداث والتطوُّرات فبعد عامين في بريطانيا حوالي عام 1957 أصدرت لجنةٌ برئاسة السير جون ولفندن تقريراً يوصي بحذف العلاقات الجنسية المثلية بين البالغين المتراضين من جرائم القانون الجنائي، ليُدرس القانون جدِّياً، ويتمَّ تنفيذ توصية البرلمان وتحذف الممارسات المثلية من قانون الجرائم الجنسية.

منذ ذلك الوقت، بدأت حركة حقوق المثليين في كسب العديد من الحريات القانونية، لا سيما في أوروبا الغربية والولايات المتحدة. ولكنَّ الحدث الأهمَّ والمحدَّد لنشاط المثليين في الولايات المتحدة؛ جاء في الساعات الأولى من صباح يوم 28 يونيو/حزيران 1969، عندما داهمت الشرطة حانة ستونوول Stonewall Inn، وهي حانةٌ خاصَّةٌ بالمثليين في قرية غرينتش في مدينة نيويورك، فكانت النتيجة أن انضمَّ ما يقرب من 400 شخصٍ إلى أعمال شغب استمرَّت 45 دقيقة، ثمَّ تستأنف تلك الأعمال في الليالي التالية.

ويحتفل مجتمع  الميم كلَّ عامٍ بهذه الحادثة في شهر يونيو (الذي يطلقون عليه شهر الفخر)، ليس في المدن الأمريكية فقط، بل في العديد من البلدان الأخرى، وذلك بتنظيم مسيرات الفخر.

فخرٌ بما وصلوا إليه من إعلانٍ لميولهم الشاذّة، ورغباتهم المتدنّية التي دعمها القانون لتصير مقبولةً اجتماعياً، فقد حصل الناشطون المثليون في عام 1980 على دعم الحزب الديمقراطي وذلك عندما أدرج الحزب في برنامجه شرط “عدم التمييز” الذي يتضمَّن المساواة بين الميول الجنسيّة المختلفة. كلُّ هذا الدعم كان يسير جنباً إلى جنبٍ مع حملات ناشطي المثليين الذين يحثُّون الرجال والنساء المثليين على “الخروج من القمقم”.

حيث شجَّعت الجمعيَّات التي تُعنى بشؤون الشواذ مجتمعَ الميم على دخول المعترك السياسي، وذلك ليكون إعلاناً رسمياً من الحكومات أنَّه لن تسلب الحقوق المدنية للمثليين بل على العكس؛ فالقانون يضمن للشواذّ أن يتقلَّدوا أرفع المناصب السياسية.

وفي عام 1977، انتخب الناشط الأمريكي في مجال حقوق المثليين هارفي ميلك، لعضوية مجلس المشرفين Board of Supervisors في سان فرانسيسكو، لكنَّه اغتيل في العام التالي.

وفي عام 1983، أصبح جيري ستودز أوَّل عضوٍ في الكونغرس في الولايات المتَّحدة يُعلن عن مثليَّته الجنسية، كما أصبح تامي بالدوين من ولاية ويسكونسن، أوَّل سياسيٍّ مثليّ الجنس يتمُّ انتخابه في كلٍّ من مجلس النوَّاب الأمريكي (1998) ومجلس الشيوخ الأمريكيّ (2012).

وفي عام 2009، انتخب أنيس باركر عمدةً لمدينة هيوستن -رابع أكبر مدينةٍ في أمريكا- ممَّا يجعلها أكبر مدينةٍ في الولايات المتَّحدة تنتخب سياسياً مثلياً علناً رئيساً للبلدية، ثمَّ أتى إقرار المحكمة العليا في 2015 ليمثِّل حلقةً ضمن سلسلةٍ طويلةٍ من الحراك الاجتماعي والسياسيّ لمجتمع الميم.

و في ألمانيا أصبح زواج المثليين قانونياً في البلاد منذ 1 أكتوبر عام 2017، بعدما صوَّت البوندستاغ (البرلمان الاتحادي) بغالبية أعضائه يوم 30 يونيو عام 2017 على تشريعٍ يكفل للشركاء المثليين كامل حقوق التَّبنِّي أيضاً، وكانت الشراكات المسجَّلة قبل ذلك متاحةً للشركاء المثليين منذ إقرارها عام 2001. ضمِنت هذه الشراكات معظم الحقوق القانونية المتاحة للأزواج المغايرين جنسياً وليس كاملها، وتوقَّف العمل بها بعد دخول قانون زواج المثليين حيِّز التنفيذ، فأصبح تبنِّي الشريك المثليّ لأطفال الشريك الآخر البيولوجيين قانونياً عام 2005، وقد جرى تعديل القانون عام 2013 ليسمح أيضاً بتبنِّي أحد الشريكين للطفل الذي تمَّ تبنِّيه سابقاً من قبل الشريك الآخر.

يبدو أنَّ الانحطاط الفكريَّ الذي نراه في هذا العصر بدأ منذ أعوامٍ طويلةٍ مضت جعلت من تلك البشاعة أمراً مُستساغاً يمكن أن نراه في المجتمعات الغربية بشكلٍ علنيٍّ دون أدنى خجل، بل إنَّه أصبح قانونياً في كثيرٍ من البلدان فضلاً عن تطبيع المثلية بطريقةٍ أو بأخرى لتصبح منظومةً بقوانين تتيح لأولئك أن يمارسوا الرذيلة بأشكالٍ شتَّى دون أيّة مُحاسبةٍ، بل على العكس تماماً يسعى مجتمع الميم أن يضمن حقوقه في مقاضاة كلِّ من يعترض على كون أحد أفراده شاذّاً، فلا عجب من أن يجرَّم في القانون من يتهجَّم على أحد أفراد هذا المجتمع الشاذّ بوصفه بأنَّه شخصٌ مقرفٌ أو مقزِّز في ميوله أو توجُّهاته، فهو في قانونهم شخصٌ محترمٌ لا يجب أن تُجرح مشاعره بنعته بتلك الصفات، ويجب الاقتناع بأنَّه يمتلك الحقوق التي تمتلكها أنت كلَّها.

فهل كانت تلك العقود البسيطة من الزمن كفيلةً في قلب تلك المعايير رأساً على عقب؟
هل سيصبح الأسوياء هم المنبوذين في المستقبل!
لا ندري لعلَّ كلَّ ما نعرفه وما ألفناه سيتبدَّل ويتغيَّر… كلُّ شيءٍ ممكنٌ في هذا العالم المجنون.

زياد الوتار

بقلم: أ. محمد زياد الوتار

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *