مع رجالات حوار -الشيخ الشعراوي-

الرسول نفسه معجزة

Loading

الرسول نفسه معجزة
يتردد في القرآن كثيراً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو البشير النذير المبلغ عن ربه…وأنه لا يستطيع الزيادة أو النقصان على الوحي… وأنه ليس مسيطراً على الناس …ومن هنا درج السطحيون على إشاعة القول بأنه بشر مثلنا لا يزيد علينا… فهو حامل الرسالة فقط لا يزيد عن رجل البريد إلا أنه أمين …ونحن نرى أن هذا السلوك يشكل معجزة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه …فكيف تقيم الحجة على هذه الدعوى؟ 

ج: هذا صحيح.. فعندما نطق الرسول صلى الله عليه وسلم بالقرآن المعجز لأصحاب المواهب البلاغية النادرة.. نقول في هذه الحالة : إن هذا القرآن ليس من عنده.. فليس من المعقول أن يكون عنده عبقرية فذة هكذا، ثم يكتمها إلى سن الأربعين.

ولذلك يعرض الله تعالى للمتشككين فيقول :

﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي

فهكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليس هو قائل هذا القرآن حتى يبدله…ثم تمضي الآية الكريمة فتقول :

﴿قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

فرسول الله يرفض أن ينسب الكمال إلى نفسه، والناس بطبعها تدعي الكمال لنفسها، وتنسب للنفس ما لم تفعله، كل واحد منا يريد أن يثبت أنه عبقري.. وأنه عالم.. وأنه في فنه مسيطر.. وأنه لا يوجد من يفهم مشاكل الدنيا كلها إلا هو.. .

وهو في سبيل ذلك مستعد أن يسرق جهد غيره، وينسبه إلى نفسه .. أي إن الطبيعة البشرية كلها تحاول أن تدعي الكمال ولو كذبا.. ولكن الناس يريدون أن يعطوا الكمال لرسول الله فينسبوا إليه أنه هو الذي قال هذا القرآن …

وبدلا من أن ينساق رسول الله وراء هذا الكمال الذي يحاولون أن يلصقوه به، لا يزيد في رده عليهم على ما أوحى الله إليه به أن يرد فيقول: ﴿قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

.. ثم بعد ذلك يوحي إليه الله بالدليل:﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

أي إني عشت معكم أربعين سنة قبل أن يوحي إلى، ولم أحاول حتى مجرد الدخول في مزايدات البلاغة والخطابة والشعر.. ولم يشتهر عني ذلك.. بل كنت أقول كلاما عاديا…

فإذا كان هذا هو خلقي وطبعي كما تعرفون فيجب أن تعلموا أن الكلام الذي أعجزكم والذي أتلوه عليكم هو وحي من الله، وهو كلامه، فلو كنت أحسن فن الكتابة والخطابة فربما سارركم الشك.. ولكني كنت أقول كلاما عاديا ولا أسابقكم في مضمار الخطابة ومن هنا كان الرسول في ذاته معجزة.. وهذا هو الدليل. 

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *