الأحاديث المُشْكِلة في صحيح البخاري.. وهم أم حقيقة!؟

الأحاديث المُشْكِلة في صحيح البخاري.. وهم أم حقيقة!؟

Loading

بعض النماذج من أحاديث البخاري و إزالة الإشكال منها

الحديث 1

ورد في صحيح البخاريّ من بلاغات الزّهري, عن معمر في فترة الوحي: (فحزن النَّبيُّ ﷺ _فيما بلَغَنا_ حزناً غدا منه مراراً كي يتردَّى من رؤوس شواهق الجبال).

الإشكال: كيف ينتحر نبيٌّ معصوم؟

إزالة الإشكال:

  • ورد الحديث من بلاغات الزهري, وكلمةُ: (بلغَنَا) ليست بقوَّة الحديث الصَّحيح المتواتر.
  • في الحديث زيادة كرامةٍ للنَّبيِّ ﷺ, لأنَّ الله صرف عنه هذا الأمر.
  • لا ينقل الإمام البخاريُّ إلا عن ثقاتٍ, وثبوت الحديث لا يقلِّل من شأنه ولا من عصمته ﷺ, ولا يقدح بهما.

أوَّلاً-  لأنَّ الأمر ليس ممَّا يقدح في المروءة.

ثانياً-  كان قبل تحريم الانتحار.

ثالثاً-  ورد الحديث بصيغة النِّيَّة, والنِّيَّة السَّيِّئة لا توجبها.

الحديث 2

عن عمرو بن ميمون بلفظ: (رأيت في الجاهلية قِرْدَةً اجتمع عليها قِرَدَةٌ, قد زنت فرجموها فرجمتُها معهم).

الإشكال: كيف تُحاسب كائناتٌ لا تعقل؟

 جواب الإشكال:

1- لم ينفرد البخاريُّ بهذا الخبر وحده ليعتبر من الإشكالات على صحيح البخاري.

2 – هذا خبرٌ ورد عن عمرو بن ميمون, وليس حديثاً.

وعمرو بن ميمونٍ مخضرمٌ معمِّرٌ عاش من الجاهلية إلى زمن عبد الملك بن مروان, لكنَّه لم يجتمع بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم, لذا فهو ليس صحابيّاً.

3- في هذا الخبر تحذيرٌ وتنبيهٌ لمن يرفض حكم الرَّجم بحجَّة أنَّه ظلمٌ, فحتَّى القردة التي لا تعقل فيها غيرةٌ وحميَّةٌ, وتأبى أن ترى إناثها على فاحشة.

الحديث 3

حديث: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قد سحره لبيد بن عاصم.

الإشكال الأوَّل: تنافي السِّحر مع آية: ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ[المائدة67].

جواب الإشكال:

1- لا يتنافى السِّحر مع العصمة, لأنَّ العصمة هنا هي عصمةٌ من تأثير الشيطان على ما يتعلَّق بتبليغ الدعوة, أمّا الأمور الجسديَّة من مرضٍ وتعبٍ فلا تخلُّ بالعصمة بل هي من كمال الأنبياء لأنَّهم بشرٌ, وهذه الأمور ممَّا يجري على البشر، فابتلاء الأنبياء بأجسادهم لا يوجب النقص والعار بل هو من كمالهم وكرامتهم.

2- لا تشمل العصمة عدم التَّأثُّر بالسِّحر, فسيِّدنا موسى رأى السِّحر كما رآه بقيّة الناس, وأوجس في نفسه خيفةً عندما رأى ذلك, ولم تمنعه العصمة من هذا.

3- العصمة في الآية هي العصمة من القتل, وعدم إتمام الدعوة.

 يقول الإمام الشافعيُّ: ( يعصمُك مِنْ قتلِهم أي: من أن يقتلوك حين تبلّغ ما أنزل إليك).

الإشكال الثاني: الحديث مردودٌ لتفرُّد هشامٍ به.

جواب الإشكال:

  • هشام من أوثق الناس, ولم يطعن فيه أحد.
  • وهذا الحديث صحيحٌ, لم ينكره أحدٌ من أهل العلم.
  • هذه القصَّة مشهورةٌ عند أهل العلم.

الإشكال الثالث: هذا الحديث تصديقٌ لقول مشركيّ مكَّة كما قال تعالى حكايةً عنهم: ﴿إن تتّبعون إلّا رجلاً مسحوراً[الإسراء47].

جواب الإشكال:
1- كان هذا الكلام منهم في مكَّة المكرّمة, وحدثت الحادثة في المدينة المنوّرة.
2- السحر الذي زعمه المشركون هو ما يوجب زوال العقل, ويؤدّي إلى الجنون وفساد الرأي, أمَّا الحادثة فتتحدَّث عن سحرٍ تسبَّب بتعبٍ ومرضٍ لا يضرُّ بالدعوة ولا النُّبوَّة, وإلَّا لاستفاض الأمر ونُشِرَ وأدَّى إلى شماتة الأعداء, ولم يَرِد شيءٌ عن أحدٍ منهم فمرضه كان فقط فيما يتعلَّق بأمورٍ يشترك فيها مع البشر وهي الطعام والشراب وإتيان النساء.

الحديث 4

حديث: (أُمِرْتُ أنْ أُقاتلَ النَّاسَ).

الإشكال: انتشر الإسلام بالسيف والإكراه.

جواب الإشكال:

1- علَّة الجهاد ليست لمجرَّد الكفر, وإنَّما لردِّ الحرابة والعدوان بدليل منع قتل الشيوخ والنساء والأطفال، ومنع اقتحام دور العبادة, أو تخريب الممتلكات العامَّة، وبدليل أنَّ النّبيَّ بعث بعد فتح مكَّة لمن بقي على شركه يدعوه إلى الإسلام, ولم يأمر بقتالهم.

2- صيغة الحديث واضحةٌ (أُمرت أن أقاتل), لا (أُمِرتُ أن أقتل), والفرق واضحٌ, فالمقاتلة تفيد المشاركة بين الطرفين لا الابتداء بالقتال أوَّلاً.

 3- المبدأ الأساسيُّ في الإسلام هو: (لا إكراهَ في الدِّين).

والغاية من الجهاد فتح السبيل للتبليغ, ونجد هذا واضحاً في وصايا النَّبيِّ ﷺ لقادة الجيوش قبل خروجهم إلى المعارك وقبل تسليمهم الرايات.

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *