إلى هواة العقلانية
إلى هواة العقلانية
س: تزحف على العالم الإسلاميّ موجةٌ باردةٌ من العقلانية من بيئاتٍ انتهى أمرها تماماً بالنسبة إلى المنهج الغيبيّ الروحيّ… فأصبحت لا تدين إلَّا بما يتناوله العقل فقط… ولا تعترف بوعيٍ آخر في الإنسان غير وعي العقل المادِّي وحده. ونحن بصفتنا مؤمنين بقيمة العقل في تنظيم الحركة الإنسانية على أساس المنهج الغيبيِّ الروحيّ… وفي ترتيب الأعمال إلى فاضلٍ ومفضول… ومهمٍّ وأهم… وفي البحث في استخدام الإمكانيَّات المتاحة لنشر العقيدة الروحية التي يخدمها العقل، ولكنَّه يقف عاجزاً أمام أصولها، ثمَّ يبقى وعي العقل الروحيّ فعَّالاً في تدفِّق موجات الإيمان إلى أعماق القلب… أي أنَّنا نلغي العقل حينما يحاول اقتحام المناطق التي تعلو على إدراكه… فكيف نحاول في إقناع هؤلاء الخاضعين للفكر العقلاني المستورد بالفكرة الإسلامية؟
ج: الإنسان منَّا بإجماع الناس مكوَّنٌ من مادَّةٍ توجد فيها روح، فتنشأ فيها حياة.
فالروح التي توجد في المادة هي التي توجد فيها الحياة، والحسُّ، والإرادة، والوعي، وكلُّ شيءٍ بدليل أنَّها إذا سلبت منها صارت رمَّةً بالية.
والشيء الذي يدبِّر مادتك، ويحييها، ويجعلها قادرةً على الفكر، واستخدام الطاقة، وغير ذلك، هل تستطيع أن تعرفها وتدركها؟
هنا يقف العقل: لا…
إذن فمخلوقٌ من مخلوقات الله هو في ذاتك ونفسك، وليس بعيداً عنك ومع ذلك لا تستطيع أن تدركه.
فإذا كنت تعجز عن إدراك مخلوقٍ لله، فكيف تريد أن تدرك خالقاً؟ إنَّه لعبث…
ولذلك حين تقول: أين الله؟ نقول لك: أين روحك التي تدرك أنت أنَّها سرُّ حياتك، وسرُّ حركتك؟ أهي في رأسك أم في بطنك أم في قدمك؟
إذن فليس مكانٌ من الجسم أولى منها بمكان… كذلك الحقُّ سبحانه وتعالى ليس مكانٌ من ملكه أولى منه بمكان.
فإذا كان ذلك في أمر مخلوقٍ لله وعجزت عن إدراكه، فكيف تريد وأنت عاجزٌ عن إدراك مخلوقٍ أن تتسامى إلى إدراك الخالق.
No comment yet, add your voice below!