الشذوذ الجنسي من الناحية التربوية _ الجزء الأول
بقلم: م. إحسان هلالة
فساد الأمم
الشذوذ الجنسيّ من الموضوعات التي تثير جدلاً وتساؤلاتٍ في أذهاننا، ولدى أبنائنا خاصَّةً، ولكن ليست كلُّ الأُسَر متفهِّمةً للأمر أو واعيةً له، وربَّما لا تملك إجاباتٍ شافيةً وعلميَّةً تُشبع فضول الأبناء وتحترم عقولهم، وفي الوقت نفسه تُجيبهم بحرصٍ ودقَّةٍ مع تفهُّمٍ دون نظرة اتِّهامٍ بعدم الأدب، أو التفاهة أو غيرها.
وقد وضع المروِّجون للشذوذ الجنسيّ كلمة (المثلية) بديلاً عن مصطلح الشذوذ الجنسي للتَّرويج له بأنَّه ميلٌ طبيعيٌّ في البشر وليس فيه مخالفةٌ للفطرة.
وفي حديثنا عن الشذوذ الجنسي من الناحية التربوية نتناول أربع فقرات:
الجزء الأول:
- تعريف الشذوذ الجنسيّ.
- هل نحدِّث أبناءنا عن الشذوذ الجنسيّ؟ ومتى؟
الجزء الثاني ويتناول:
1- أسباب الشذوذ الجنسيّ.
2- كيف نحمي أبناءنا من الشذوذ الجنسيّ.
أولاً – تعريف الشذوذ الجنسيّ:
الشذوذ الجنسيّ: مصطلحٌ مُستحدثٌ يُطلق على كافَّة الممارسات الجنسيَّة غير الطبيعية المخالفة للفطرة الإنسانية التي فطر اللهُ عَزَّ و جَلَّ الناسَ عليها . [1]
وما نقصده في مقالتنا هنا هو الشذوذ الجنسيُّ المثلي (المثلية الجنسية) وهو أحد أشكال الشذوذ الجنسيّ، والذي يتضمَّن وجود المشاعر الرومانسيّة والانجذاب الجنسيَّ لأفرادٍ من نفس الجنس والرغبة بممارسة الجنس معهم.
ثانياً – هل نحدِّث أبناءنا عن الشذوذ الجنسيّ؟ ومتى؟
قبل الحديث عن فكرة التَّحدُّث مع أبنائنا عن الشذوذ الجنسيّ نحتاج إلى الحديث عن فكرة الثقافة الجنسيَّة مع أبنائنا. “ولعلّ تحفُّظ الأهل عن الخوض فيما يُسمى بالثقافة الجنسيَّة مع أبنائهم نابعٌ أوَّلاً من نوع التربية التي تلقّاها الآباء أنفسهم، هذه التربية التي تعتبر السؤال والبحث في هذا الموضوع شيئاً محظوراً خارجاً عن إطار التربية السليمة، وثانياً من تخوُّف الأهل أن يعرف أبناؤهم هذه الأمور فيفتحوا أذهانهم على أشياء لم تكن تخطر ببالهم. إلَّا أنَّ تغيُّرات العصر، ومتطلَّبات الواقع أصبحت تفرض تغيير هذا الأسلوب مع أبنائنا، والتحدُّث معهم حول المواضيع التي تفرضها عليهم المراحل العمرية، وموضوع الثقافة الجنسية خاصَّةً. “]2[
والمقصود بالثقافة الجنسية: الإطار العلميَّ والشرعيَّ والأخلاقيَّ الذي يحيط بموضوع الجنس، والذي يؤثِّر في التكوين الشخصيّ للفرد في حياته. ]3[
وبشكلٍ عمليٍّ، من المفيد أن نذكر أنَّ “التثقيف الجنسيَّ للأبناء يبدأ منذ مرحلة الطفولة بعد سنِّ الثالثة، ولكن ليس أكثر من معرفة أعضائه التناسلية. ثمَّ يتطوَّر الأمر إلى التساؤل عن الفرق بين الذكر والأنثى، ثمَّ يتطوَّر إلى التساؤل عن الخلق والولادة في سنِّ السادسة.
ويستمرُّ التساؤل في التطوُّر إلى أن يصل إلى سنِّ المراهقة التي تستدعي من الأهل أن يُعرِّفوا أبناءهم على الأمور الجنسيَّة والأجهزة الجنسيَّة معرفةً شاملةً ومفصَّلة، ولعلَّ كثيراً من الناس يستهجنون هذا الأمر، لكن لا بدَّ من معرفة أنَّ أبناءنا ليسوا منفصلين عن المجتمع، وإذا لم يثقَّفوا جنسياً في الوقت المناسب ضمن الإطار العلميِّ والشرعيِّ والأخلاقيِّ، فإنَّهم سيعرفون ذلك من اصدقائهم ولكن بطريقةٍ مغلوطةٍ، أو بطريقةٍ تحرِّك الشهوة، بعيدة كلَّ البعد عن الإطار الشرعيِّ والأخلاقيّ.”]4[
“والتثقيف الجنسيُّ الصحيح للأبناء ينضبط بالشروط التالية: ]5[
- وضع الأمر ضمن نطاق العلميَّات الحيوية العاديَّة للإنسان، وإدخاله تحت بند النظافة البدنيَّة، والطهارة الجسمية، والطهارة الحُكميَّة.
- استخدام مصطلحاتٍ شرعيَّة، بل ونظيفة لما يتعلَّق بالأجزاء الجنسيَّة والعمليات المتعلِّقة بها، فيزول بذلك كثيرٌ من الحرج.
- طرح الموضوع شرعيَّاً طرحاً لا يُخرج الموضوع عن جدِّيَّته، ويجعله قريباً إلى المتعلِّم من خلال حافز الثواب.
- احترام الموضوع، وعدم تقذيره أو جعله تحت أبواب الخطيئة، فيُلقي ذلك في روع الشاب أو الفتاة الاطمئنان، ويزيل كثيراً من مشاكل المراهقة بعد ذلك.”
بعد ذلك يأتي دور الحديث مع الأبناء عن الشذوذ الجنسيّ –موضع بحثنا– وطريقة الحديث، ووقته، وعمقه معهم في هذا الشأن هو أمرٌ نسبيٌّ، فالأهل الذي يعيشون في مجتمعٍ غربيٍّ يعترف بالشذوذ الجنسيّ تُنظَّم له فيه الحفلات لا يستطيعون تجاهل تساؤل أبنائهم حول هذه التظاهرات التي ترفع فيها أعلامهم، وتنتشر في الشوارع، بل لا يستطيعون إلَّا المصارحة.
أمَّا من يعيش في بلدٍ إسلاميٍّ فلا بأس أن يطرح الموضوع على الأبناء بعد دخولهم سنَّ البلوغ، وربطه بمنافاة الفطرة البشرية التي خلق الله عزَّ وجلَّ الناس عليها، وإلَّا سمع بها الأبناء من خلال الإنترنت، أو الأصدقاء، أو من خلال رؤيتِهم للعلَم الذي اتَّخذه هؤلاء شعاراً لهم، ثمَّ إذا سألوا آباءهم عن هذا المصطلح فلا بأس من إعلامهم به ضمن الشروط والضوابط التي ذكرناها.
وعند التحدُّث مع الأبناء حول موضوع الشذوذ الجنسيِّ، يجب مواكبة جميع الأبحاث العلميَّة، ليكون حديثاً ذا سندٍ علميٍّ؛ كعدم وجود أدلَّةٍ علميَّةٍ قاطعةٍ تدلُّ على ارتباط الجينات الوراثيَّة بالمثلية.
يقودنا هذا إلى التفصيل في:
أولاً: أسباب الشذوذ الجنسي.
ثانياً: كيف نحمي أبناءنا من الشذوذ الجنسيّ.
وهو موضوع بحثنا في الجزء الثاني من مقالتنا إن شاء الله.
المراجع:
[1] التدابير الواقية والعلاجية للمجتمع من الشذوذ الجنسي في ضوء القرآن الكريم – د. حنان شبانة إبراهيم عبد الواحد (بتصرف).
[2] التربية الجنسية للأطفال، كلام في الممنوع –الدكتور ياسر نصر– 2015.
[3] المصدر السابق نفسه.
[4] المصدر السابق نفسه (بتصرف).
[5] بلوغ بلا خجل، الدكتور أكرم رضا- دار التوزيع والنشر الإسلامية، ط الثالثة 2000.
No comment yet, add your voice below!