مُجتَمعُ الجسدِ الواحد
مادام الجزء في الكلّ فالأجزاء يحتاج بعضها إلى بعض، ليكون ذلك الكلّ
س: يقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَثَلُ المؤمنينَ في توادّهم وتراحُمهم كمثل الجسد الواحدِ, إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالسَّهر والحمَّى)) [صحيح مسلم].
نريد تعميقاً لمعنى هذا الحديث، حتّى يمكن وضعه في إطار حقيقةٍ علميَّةٍ لها دليلُها، بدلاً من تشكيل الأساليب الخطابيَّة التي تخاطب العقل ولا تُشبعه؟
ج: هذه قضيةٌ تربويَّةٌ إيمانيَّةٌ… والقضايا التربوية تأتي بواسطة العلم. أي نسبةٌ واقعةٌ مجزومٌ بها، وعليها دليل… ذلك هو العلم الذي يجب أن يكون محوراً تدور حوله التَّربية.
ويكون هذا إمَّا علماً يبحث في الانسان ككلٍّ أي ذو أجزاء، أو علماً يبحث في الإنسان كجزئيّ يعيش في كلّ… فإذا أنت قوَّمت الفرد على أنَّه كلٌّ ذو أجزاء، وأشبعت ملكاته كان جزءاً، ولكنه لا يعيش وحده… وإنَّما يعيش في مجتمع.
والقيم الإسلامية هنا تتدخَّل. فبعد أن تدخَّلت فيه ككلٍّ له أجزاء تدخَّلت فيه كجزءٍ من كليّ… فأنت في المجتمع… وحاجتك إلى أفراد المجتمع كحاجة أفراد المجتمع إليك… فإذا كنت تريد أن يؤدِّي المجتمع حاجتك فأدِّ أنت أيضاً حاجة المجتمع منك. فلا تطلب حقَّاً من المجتمع إلا بجوابٍ تؤدِّيه إلى المجتمع.
لذلك فإيَّاك أن تعتبر نفسك كليَّاً منفصلاً عن المجتمع… فالإسلام يطلب منك أن تعتبر نفسك جزءاً في كلّ.
ومادام الجزء في الكلّ فالأجزاء يحتاج بعضها إلى بعض، ليكون ذلك الكلّ… فأراد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن ينقل القضية الإفرادية في المجتمع ليجعلها قضية كلّ… وأفراد المجتمع بالنسبة للمجتمع أجزاء.
لماذا؟
حتى لا يظنَّ ظانٌّ انعزاليَّة الفرد عن المجتمع. ولذلك يقول الرَّسول عليه السلام: ((كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى)).
وأنت إذا نظرت إلى المجتمع, وجدت المجتمع يتطلَّب حركةً في الحياة… والحركة في الحياة ليست واحدةً، فالحياة تريد حركاتٍ متنوِّعةً تغطِّي جميع جوانبها… فالمجتمع لا يريد أن يكون الكلُّ أطبّاء، أو قضاة، أو علماء، أو غير ذلك، ولكنَّه يريد كلَّ الجهات.
فالحقُّ سبحانه وتعالى يريد أن يجعل المجتمع جسماً واحداً، كلُّ عضوٍ منه يؤدِّي مهمَّةً، وبتكامل هذه الأجهزة. يكون التقويم الكامل للمجتمع.
No comment yet, add your voice below!