التشكيك 2

Loading

ظهرت الطعون والتشكيكات والشبهات نتيجة لعدّة أسباب و هي :

أولاً: ظهور العلمانيّة في أوربّا.

ثانياً: ظهور الشيوعيّة الإلحاديّة في روسيا.

ثالثاً: ما كتبه المستشرقون من مؤلفات تطعن في الإسلام.

رابعاً: إعادة إحياء أفكار المستشرقين على أيدي بعض المسلمين وذلك بتوظيف من الغرب ، مقابل امتيازات وإغراءت مادّيّة ومعنويّة.

ويلاحَظ أنّ أصل هذه الشبهات دخيلة إلى بلاد المسلمين، وقد أسّسها أعداء الإسلام، وانتشرت بانتشار وسائل التواصل والإعلام الغربي أو المستغرب، وأنّها لم تقم على مبدأ العقل والفكر، وإنّما على مبدأ التمرّد أو الإغراءات المادّية والمصالح الدنيويّة.

بل إنّ كثيراً من الذين يطرحونها عبر المؤسسات المدعومة من الغرب يعترفون ضمناً أو تصريحاً بأنهم يقصدون من ذلك  المصلحة، وأنّهم لم يطرحوا هذه الأفكار من مبدأ أو اعتقاد راسخ عندهم .

وإليك مثالاً واحداً في ذلك وهو طه حسين:

يُوصفُ طه حسين بأنّه عَرّاب و رائد حركة التغريب، ومحو الهوية الإسلامية، وقد قال في كتابه: “مستقبل الثقافة في مصر عام 1938“: (إن سبيل النهضة واضحةٌ بيّنة، مستقيمةٌ ليس فيها عوجٌ ولا التواءٌ، وهي أن نسير سيرة الأوربيين، ونسلك طريقهم لنكون لهم أندادًا ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها، وحلوها ومرها، وما يُحب منها وما يكره، وما يُحمد منها وما يُعاب، ومن زعم لنا غير ذلك فهو خادع أو مخدوع.) [أعلام وأقزام في ميزان الإسلام، تأليف: أبي التراب سيد بن حسين العفاني، دار ماجد عسيري، (1/ 230) جدة – الطبعة: الأولى، 1424 هـ – 2004 م].

وهو تلميذ المستشرق (كازانوفا) الذي قال: (إني أؤكد أنّ مذهب محمد الحقيقي إن لم يكن قد زُيف فهو على الأقل سُتِر بأكثر العنايات، وأن الأساليب البسيطة التي سأشرحها فيما بعد هي التي حملت أبا بكر أوّلاً، ثم عثمان من بعده على أن يمدّا أيديهما إلى النص المقدس بالتغيير، وهذا التغيير قد حدث بعبارة بلغت حدًا جعل الحصول على القرآن الأصلي يشبه أن يكون مستحيلاً.)

إنّ التشكيك بصحّة القرآن الكريم الذي بين أيدينا، واتّهام أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما بتزويره وتغييره هي العقيدة التي باح بها أستاذه (كازانوفا) وقد أشاد بها طه حسين وأعجب بها. [يُنظَر: أعلام وأقزام: 1/233]

وبعد أن قضى طه حسين حياته في هذه الأفكار وغيرها، رجع عنها آخر حياته وتاب منها.

وقد أكّد تلميذه الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ الإسلامي: (بأن طه حسين تاب في آخر أيامه، ولكنه كان عاجزًا عن إعلان توبته، والتنكّر لكل ما كتبه، حيث منعه أناس من خارج بيته ومن داخله -يعني زوجته- واستدل د. عويس على توبة طه حسين بعدّة أدلة:

– منها ما ذكرته (مجلة العربي) الكويتية في تحقيق لها عن (حجِ طه حسين)، وذكرت أنه بكى وقبّل الحجر الأسود لمدّة ربع الساعة فمنع الناس من الطواف، وذكر من شهد هذا الموقف أنّ طه حسين كان يردد عبارات التوبة بأنه أخطأ في حق دينه، وكان طه حسين يقوم بتقبيل تراب مكّة وهو في طريقه إلى الحج.

وأضاف عويس بأن العلمانيين يتعمدون إخفاء هذه الصفحة من حياة طه حسين.

– وذكر د. عبد الحليم عويس واقعة أخرى تؤكد توبة طه حسين، وهذه الواقعة يشهد عليها اثنان من تلامذة طه حسين هما على قيد الحياة الآن: د. محمد عبد المنعم خفاجي (85 سنة)، ود. علي صبح: (عميد كلية اللغة العربية بالأزهر في القاهرة)، فيذكر أنهما ذهبا إلى طه حسين وهو محمول على الأيدي بعد جلسة مجمع اللغة العربية في أواخر حياته وقالا له: بحق الله أكتبتَ في الشعر الجاهلي عن علم، أم كتبته للدنيا والشهرة؟! فأجاب طه حسين: بل كتبته للدنيا والشهرة!!

واستحلفهما أن يكتبا هذه الشهادة، ويوقّعا عليها ليظهرا توبة طه حسين للعالمين.. [مقال “رحلة قلم.. مع الحق والحقيقة” لكمال السعيد حبيب -مجلة المنار الجديد-العدد18 محرم/ربيع 1423 هـ -أبريل 2002م (ص 131، 139)].

Recommended Posts

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *