الإسلام أول من قرر سيادة الإنسان
الإسلام أول من قرر سيادة الإنسان
لعلَّ من أجلى النصوص القاطعة في الدلالة على السيادة التي متّع الله بها الإنسان من حيث هو إنسانٌ وبقطع النظر عن عوارض الصفات والالتزامات، قول الله عزّ وجلَّ: (﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾) [الإسراء-70].
ومن الواضح أنَّ التعبير بكلمة (بني أدم) في صدد هذا الحكم إنَّما يدلُّ على التعميم الذي يخترق الفوارق الطبقية وفوارق الألوان والأعراق، وحتَّى الديانات، ذلك لأنَّ الآية تعلن بأنَّ مَنحَ الله الإنسان هذا التكريم، كان أسبق من حظوظه اللونية والعرقية، ومن اختياراته الدِّينية.
يلي هذا النَّصّ للدلالة على هذا التكريم قول الله تعالى: (﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين﴾) [البقرة-34]، ومثله قوله تعالى:
(﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾) [ص-71/72].
صحيحٌ أنَّ أيَّاً من هذه النصوص لم يورد كلمة السيادة، وإنَّما جاء التعبير بالتكريم والتفضيل وإسجاد الله الملائكة له أي للإنسان، غير أنَّنا لو أردنا أن نترجم كلمة (السيادة) لن نجد أبلغ في التعبير عنها، من كلمة التكريم والتفضيل ومن إعلام الله الإنسان بأنَّه، عزّ وجلَّ، قد رفع من شأنه وسما به إلى حيث اقتضى أن يأمر الملائكة بالسجود له، أي سجود تبجيلٍ وتكريمٍ، لا سجود عبادةٍ وتأليه.
ثمَّ إنَّ التفسير التطبيقيّ لهذه السيادة التي أضفاها الله تعالى على الإنسان، أوضح أنَّ مزية هذه السيادة منوطةٌ بكلِّ فردٍ على حدة، أي فالحكم في كلٍّ من الآيتين ثابتٌ لجميع أفراد الإنسان لا على مجموعهم، أي لا على الهيئة الاجتماعية للإنسان، وندرك هذا من قول الله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة-32].
وهذا يعني أنَّ سيادة المجتمع الإنساني فرعٌ -في ميزان الإسلام- عن سيادة أفراده، وليس العكس، كما هو الحال والواقع لدى النظم الديمقراطية في المجتمعات الماركسية إلى عهدٍ قريب.
No comment yet, add your voice below!