"هل الإسلام هو سبب تخلف المسلمين"
بقلم: سنا عقيل
هل الإسلام هو سبب تخلف المسلمين
فجأةً، اعترته رجفةٌ لخاطرةٍ مرَّت في ذهنه… ووقف التساؤل كالغُصَّة في الحلق، فلا هو يجرؤ على النطق به مخافة أن يأثم، ولا يستطيع طرده من ذهنه دون أن يوافيه جواب…
لماذا يتفوَّق الغرب في حضارته المادّية على المسلمين؟
لا شكَّ أنَّ الإسلام هو الدِّين الخاتم والجامع لكلِّ الشرائع السماوية، فلماذا نجد المسلمين أقلَّ تقدُّماً من الغرب…
فكرةٌ قد تموج في ذهن أيِّ شابٍّ، وللإجابة عنها نحتاج إلى رحلةٍ قصيرة…
فلو تصفحَّنا سنيَّ الماضي، وصفحات التاريخ فسنجد أنَّ العرب كانوا عمالقة العلم، وينبوع المعارف الذي نهلت منه كلُّ الأمم، بل سنجد أنَّ معظم اكتشافات الغرب تستند بشكلٍ رئيسيٍّ على ما قدَّمه علماء المسلمين، وسنجد في سطور التاريخ بوضوحٍ وجلاء أنَّ المسلمين كانوا في القمَّة دائماً، وكانوا حديث العالم وقبلة من يريد التحضُّر، في زمنٍ كانت فيه الدول الغربية ترزح تحت ظلمة الجهل والافتقار للعلم…
هذه المقارنة المختصرة تكشف الكثير، فخلال فترةٍ ليست بالقصيرة طُبِّق الإسلام حياةً ونهجاً والتزاماً عملياً، وكان الإسلام رمزاً للقوَّة والعزَّة والحضارة العريقة، حين كانت الأخلاق الحميدة موصولةً بالفطرة السليمة التي يندر أن يفكِّر أحدٌ أن يميل عنها…
وفي أثناء تصفُّحنا نمرُّ على صفحاتٍ تحكي ازدهار بلاد الشام، تحكي عن الفرق الشاسع بين الشرق والغرب، تحكي بطولاتٍ، وشهامةً، وخلقاً نبيلاً لا يضاهيه مثيل…
ثمَّ نقلِّب بعض الصفحات لنقرأ فيها ونُفاجأ بحروبٍ وصراعاتٍ وحملات احتلالٍ يقودها الغرب ضدَّ بلادنا…
ماذا؟ كيف حدث ذلك؟ ومتى استفاق الغرب من غفلته أصلاً؟
لنعد قليلاً إلى الوراء، ولندقِّق ما بين السطور لنبصر كيف نهل الغرب من تعاليم الإسلام وعلوم العرب! وكيف جاؤوا إلى بلاد المسلمين فارغي الأيدي والعقول؛ وعادوا إلى بلادهم محمَّلين بأثمن المعارف!
كيف ارتكز بنيان حضارتهم على حضارة المسلمين وثقافتهم؛ فنهضوا من الحضيض؟
ثمَّ يقف سائلٌ ليسأل مثيراً شبهةً غريبةً عن الإسلام: لو كان الإسلام ديناً صحيحاً لتفوَّق أفراده على الغرب…
لنعد ولنقلِّب المزيد من الصفحات، لنجد طمعاً في عيون الغرب بأرض المسلمين، ونجد معه أنَّ تعلُّق المسلمين بدينهم أصبح مع مرور الزَّمن أضعف، فحين انفتحت لهم الدُّنيا شرقاً وغرباً ودانت لسلطانهم؛ فتعلَّقت بها قلوبهم _ولا يجتمع متضادَّان في قلبٍ واحد_ ضعف تعلُّقهم بالإسلام، واشتعلت النزاعات فيما بينهم، وانشغلوا بزخرف الدنيا عن الهدف الأساسي الذي من أجله عملوا واجتهدوا، فتفرَّقوا وتشتَّتوا، وفي غفلةٍ وسكرةٍ منهم بالدنيا؛ بدأت أوائل نهضة الغرب المقتبسة من حضارة العرب، واستغلّ الغرب الفرصة، وراح يضرب بقبضاته قوَّة المسلمين التي ضعفت، فاستعمر أرضاً لهم حيناً، وقتَّل أبناءهم في بلدٍ حيناً آخر، وهكذا حتَّى ضعف سلطانهم، وتراجعت حضارتهم…
وخُلاصة القول، وبعد رحلة عبر الزمن: نجد أنَّ الاسلام كان سبباً لتفوُّق المسلمين، ولايزال منهجاً عظيماً متكاملاً من اتَّبعه فاز وغنم الدُّنيا والآخرة، وباتّباعنا له بحذافيره، وتطبيقنا لأوامره بتفاصيلها نعود يقيناً أيقونة التقدُّم في العالم، فنتفوَّق على الغرب كمَّا كنَّا، ونحتضن النجوم كما كان أسلافنا حين كرَّسوا الإسلام منهجاً لحياتهم فارتقوا بعلومهم…
No comment yet, add your voice below!