الإسلام يعادي المرأة…..
ينتقص من مكانتها…..
ويضع الرجل في مرتبة أعلى منها!
عباراتٌ وأسئلةٌ تتردَّد كثيراً على مسامعنا من المنتقدين للإسلام، الذين يدّعون أنَّهم يريدون حماية حقوق المرأة، وإبعادها عمَّا يسمُّونه تسلّط الذكورية الدينية، مما يؤدي أحياناً إلى زرع الشكِّ في نفوس المسلمين والمسلمات، فيظنُّ بعضهم –خطأً– أنَّ الإسلام قد أساء إلى المرأة وقلّل من شأنها.
وفيما يلي إحدى المغالطات المنتشرة حول هذا الأمر:
قالوا: إنّ الطلاق في الإسلام ظلمٌ للمرأة، ولماذا يكونُ الطلاقُ بيد الرجلِ لا المرأة؟؟ مع أنَّ الزواجَ يحدثُ برضا كلٍّ منهما وموافقته،
والحقيقة أنّ هذا السؤالٌ وجيه ويستحقُّ التوقف عندهُ.
إنَّ الله تعالى جعل الطلاق بيد الزوج لقوله جلَّ جلاله: ((أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)) [البقرة:237 ]
والذي بيده عقدة النكاح هو الرجل كما ورد في تفسير ابن كثير من حديث عبد الله بن لهيعة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “وَليُّ عقدِ النكاحِ الزَّوجُ“. أمَّا الحكمة من هذا والله أعلم فإنَّه يرجع إلى الأمور التالية:
قال تعالى: ((وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)) [البقرة:228]، وتفسير العلماء لهذه الدرجة أنَّها الصبر والصفح، وهو ما ذكرهُ الطبري في تفسيره من قول ابن عباس رضي الله عنهما، وهو ترجمان القرآن: “الدرجة هي الصفحُ من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها، وإغضاؤه لها عنهُ، وأداء كلّ الواجب لها عليه” فالأصل أنَّه يجب على الرجل مراعاة المرأة وأن يتسم بسعة الصدر، إذ إنّه يمتلك من تحكيم العقل، وسعة الإدراك، وبُعد النظر لعواقب الأمور ما يفوق المرأة، وهو أملكُ لنفسه وأعصابه.
وذلك بخلاف المرأة التي تغلب عليها العواطف والمشاعر، فهي تحكم بعاطفةٍ تغلب العقلَ، وهذا ليس انتقاصاً للمرأة بل هي ميزةٌ ضروريةٌ تتوافق مع مهمَّاتها في الأمومة والتربية، وكونها سكناً لزوجها، وملاذاً دافئاً لأسرتها وأطفالها، وتختلف فيه المرأة عن الرجل كما تختلف القدرات بين البشر، فالماهر في حرفةٍ يكون قليلَ المهارة في حرفةٍ أخرى، ولكلٍّ دوره في الحياة.
ومن الحِكَم أيضاً إنفاق الرجل على المرأة، وهذا تكليفٌ له بالقوامة عليها لقوله تعالى: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) [النساء-34]، لكنَّ هذه القوامة لا تعني الظُّلم والتَّسلط، بل تعني رعاية شؤون الأسرة والإنفاق عليها بحكمةٍ واقتدار، كما يرعى ربُّ العمل عمَلَه، ويرعى مديرُ المدرسة مدرستَه.
ثُمَّ إنَّ المهر يجب على الزوج، لأنَّ القاعدةَ العقلية والقانونية والشرعية والمنطقية تقولُ: ((الغنمُ بالغُرم)) وعلى الرجلِ الذي سيطلّق التزام مغارمِ الطلاق من مُقدّمٍ ومؤخَّرٍ ونفقةِ العُدّة، فالغنمُ بعقدة الطلاق سيقابله غرمٌ بدفعه المال، وبذلك نجد أنَّ (الطلاق تكليفٌ، وليس تشريفاً).
إلاّ أنَّ هناك حالاتٍ استثنائيةً كأن تكون الصفات التي ذُكرت قبلاً غيرَ موجودةٍ في الرجل، فنجده غير قادرٍ على تكوين أسرة.
ولذلك فإنَّ الله عزّ وجلَّ شَرَع َللمرأة الخلع، الذي يكونُ برغبتها وبموافقةِ الرجلِ بعد تخلِّيها عن جزءٍ من حقوقها المالية، ولا يشترط أن يكون سبب الخلع شيئاً يتعلَّق بنقصٍ في دين الرجل أو عيبٍ خلقيٍّ فيه، وإنّما قد يكون كراهيةً من الزوجة لزوجها، أو عدم توافقٍ بينهما, وغيرها من الأسباب.
ومن هذا يتَّضحُ لنا أنَّ الإسلام أعطى المرأةَ الحقَّ في الانفصال عن زوجها من خلالِ الخلعِ، بالإضافةِ إلى قدرتها على الاشتراطِ بتطليق نفسها في عقد الزواج بما يسمى: (عصمة الطلاق) وللزّوجِ أن يوافق على ذلك أو أن يرفض، وإنَّ الإسلامَ يدعو إلى ديمومةِ الزواجِ واستمراره، وإنَّ إنهاءَ العلاقةِ الزوجية يحدثُ بعد فشلِ كلِّ المحاولاتِ لإصلاحِ ذات البين.
مع عظمة هذه الأحكام الشرعية وحكمتها يمكننا تجنُّب الطلاق حتماً إذا عمَدنا إلى أسس اختيار الزوجين الصحيحة، وراعى الطرفان المعاشرة بالمعروف، وعامَل كلٌّ منهما الآخرَ حسب طبيعته، ثمَّ أدَّى كِلاهما حقوق شريكه على أكمل وجه، وعمل على حل المشكلات الزوجية بدءاً بالنصيحة والإرشاد وانتهاءً بالتحكيم الذي يسعى إلى تجاوز الخلافات وإعادة الحياة الزوجية إلى بريقها المنشود.
ومَن تدبّر هذه الأحكام والحِكَم فلن يخفى عليه أنّ الإسلام صان المرأة، وأعزَّها ولم ينتقص من مكانتها، بل جعلها شريكة الرجل في سوية تكريمٍ واحدة، فهي نصف المجتمع، ومربية النصف الآخر وسندٌه ودعمٌ له.
No comment yet, add your voice below!