الاهتمام بالسند وشروط قبول الأحاديث...تعرف على ذلك
شروط الصحَّة الخمس
عنايةُ السَّلفِ الصَّالح بالإسناد:
جُعل الإسنادُ شرطاً أوَّلياً لقَبول الأحاديث الشريفة, وطالَبَ العلماءُ به في كلِّ حديث.
والإسنادُ هو أن يُصرِّحَ كلُّ راوٍ للحديث باسمِ مَن حدَّثَه به, فهو سلسلة الرجال الذين نقلوا الحديث.
اهتمَّ العلماء بالإسناد اهتماماً كبيراً لكونه وسيلةً أساسيَّةً لنقل الشريعة, ومن ذلك سفرهم وانتقالهم من بلادهم حتى يسمعوا كلام النَّبيِّ مُسنداً برجاله الثِّقات.
ومعرفة الإسناد ليس مقصوداً لذاته, بل يُتوصّل به إلى دراسة أحوال الرِّجال الرُّواة, والبحث عن عدالتهم وضبطهم, ومقارنة المرويَّات بعد ثبوت السند, “وإنّما يعلم صحّة الحديث بصحّة الإسناد” كما قال شعبة بن الحجَّاج, واتَّفقَ أهل الحديث على عدم قَبول الرِّواية إلا بذكر السَّند, وإلا ردُّوها.
بيانٌ مُوجَزٌ لشروط صحّة الحَديث:
عرَّف المُحَدِّثون الحديثَ الصحيحَ بأنَّه: (الحديثُ الذي اتَّصلَ سندُه بنقل العَدل الضابط عن مثله, من أوَّل السَّند إلى منتهاه, ولا يكون شاذَّاً ولا مُعلَّلاً).
ونستنتج من التعريف أنَّ شروط الصحَّة خمسةٌ, وهي:
اتّصال السَّند– عدالة جميع الرُّواة – ضبط جميع الرُّواة – سلامة الحديث من الشُّذوذ – وسلامته من العلّة الخفيّة القادحة.
أوّلاً: شرط اتّصال السَّند: ومعناه أن يكون كلُّ رجلٍ من رجال الإسناد قد تحقَّقَ لقاؤه بمَن قبلَه, وثبتَ أخذه عنه وسماعه منه, ويستمرُّ ذلك من أوَّل السَّند إلى آخره.
ثانياً: شرط العدالة: وهي صفةٌ راسخةٌ في النَّفس تحمل صاحبها على مُلازمة تقوى الله تعالى, واجتناب الكبائر, وعدم لزوم الصغائر, والابتعاد عن خوارم المروءة. والعدالة هي الرُّكن الأكبر في الرِّواية, والضمان لصدق الرَّاوي؛ لأنَّ الرَّجل العدل يميل إلى جانب الصدق ويجتنب الكذب فيما يُخبر.
ثالثاً: شرط الضَّبط: وهو حفظ الرَّاوي لحديثه وصيانته, والمحافظة عليه في صدره أو في كتابه حتَّى يؤدِّيَه كما سمعه, ويُعرف ضبط الراوي بدراسة مرويَّاته, واختباره بشكلٍ مباشر. والعدالة والضبط صفتان مهمَّتان في الراوي لا تغني إحداهما عن الأُخرى, فالعدالة تمنع صاحبها من ارتكاب الكذب وأسباب الفسق, والضَّبط يمنع من حصول الخطأ, والمتَّصف بهما معاً يُسمَّى «ثِقَةً».
رابعاً: شرط السَّلامة من الشُّذوذ: وهو مخالفة الرَّاوي لِمَن هو أرجَح منه وأوثق منه, أو أن يخالف راوٍ واحدٌ مجموعةً من الرُّواة الثِّقات, فتكون روايته شاذَّة. وبذلك اهتمَّ العلماء بجمع الرِّوايات والشَّواهد, فإذا اتَّفقت كلُّها على وجهٍ واحدٍ في اللفظ أو بالمعنى فهذا يدلُّ على أنَّ الرُّواة لم يخطؤوا فيه, وإن اختلفت فلا بدَّ أن يكون بعضهم مُصيباً وبعضهم مُخطئاً.
خامساً: شرط السَّلامة من العلَّة الخفيَّة القادحة: وهي سببٌ غامضٌ خفيٌّ يقدح في صحَّة الحديث, مع أنَّ الظاهر السَّلامة منه, ولا يكتشف هذه العلّة إلا أهل الخبرة والممارسة من علماء هذا الفنّ.
هذا أهمُّ ما يجب معرفته من مقدّمة علم مصطلح الحديث من باب: الحديث الصحيح وشروطه الخمسة المعتبرة التي اتَّفق عليها أئمَّة الحديث في جميع الأزمان.
No comment yet, add your voice below!