نشوء حياتنا ودوامها يقومان على جملة ضخمة من القوانين الدقيقة ،يحكم العقل باستحالة وجودها هكذا جزافاً !
فوضع الأرض أمام الشمس مثلاً …ثُم على مسافة معينة ولو نقصت..بحيث ازداد قربها من الشمس..لاحترقت أنواع الأحياء من نبات وحيوان.
ولو بعدت المسافة لعمَّ الجليد والصقيع على وجه الأرض، وهلك كذلك الزرع والضرع…أ فتظن إقامتها في مكانها ذاك لتنعم بحرارة مناسبة جاء خبط عشواء.؟
وحركة المد والجزر التي ترتبط بالقمر!!أفما كان من الممكن أن يقترب القمر من أمه أكثر، فيسحب أمواج المحيطات سحباً يغطي على وجه اليابسة كلها، ثم ينحسر عنها وقد تلاشى كل شيء؟
من الذي أقام القمر على هذا المدى المحدود ليكون مصدر ضوء لا مصدر هلاك؟
إننا على سطح هذه الأرض نستنشق ((الأوكسجين)) لنحيا به ونطرد(( ثاني أكسيد الكربون)) الناشئ من احتراق الطعام في جسومنا.
وكان ينبغي أن يستنفذ الأحياء-وما أكثرهم- هذا العنصر الثمين في الهواء، فهم لا ينقطعون عن التنفس أبداَ.
لكن الذي يقع أن النبات الأخضر يأخذ (( ثاني أكسيد الكربون)) ويعطي بدله ((الأوكسجين)) وبهذه المعاوضة الغريبة يبقى التوازن في طبيعة الغلاف الهوائي الذي يحيا في جوفه اللطيف الحيوان والنبات جميعاً!!
أ فتحسب هذا التوافق حدث من تلقاء نفسه ؟!
إني أحياناً أسرح إلى الطرف في زهرة مخططة بعشرات الألوان. ألتقطها بأصابع عابثة من بين مئات الأزهار الطالعة في إحدى الحدائق…
ثم أسأل نفسي: بأي ريشة نسقت هذه الألوان ؟ إنها ليست ألوان الطيف وحدها.إنها مزيج ساحر من الألوان تبدو تحفة، وهنا مظللة، وهنا مخططة، وهنا منقطة.
وأنظر إلى أسفل، إلى التراب الأعفر الذي اطلع على هذه الألوان ؛إنه- بيقين- ليس راسم هذه الألوان، ولا موزع أصباغها.
هل الصدفة هي التي أشرفت على ذلك ؟أي صدفة؟
إن المرء يكون غبياً جداً عندما يتصور الأمر على هذا النحو….
وألوان الزهرة هذه ملاحظة شكلية ساذجة بالنسبة إلى ملاحظة قصة الحياة في أدنى صورها .
إن إنشاء الحياة في أصغر خلية يتطلب نظاماً بالغ الإحكام.
ومن الحمق تصور الفوضى قادرة على خلق ((جزئ)) في جسم دودة حقيرة؟
فضلاً عن جهازها الهضمي أو العصبي.
فما بالك بخلق الإنسان الرائع البنيان الهائل الكيان.
ثم ما بالك بخلق ذلكم العالم الحرب..؟
لماذا يطلب مني- إذا رأيت ثوباً مخيطاً أنيقاً- أن أتصور خيطاً قد دخل من تلقاء نفسه في ثقب إبرة ، اشتبكت من تلقاء نفسها في نسيج الثوب ، أو أخذت تعلو وتهبط صانعة الصدر والذيل والوسط والأكمام والأزرار، والفتحات والزركشة والمحاسن…؟إلخ.
إن إحالة الأمور على المصادفات ضرب من الدجل العلمي، يرفضه أولو الألباب…لنفرض أن الآلة الكاتبة في أحد الدواوين وجدت بجوارها ورقة مكتوب عليها اسم (عمر)،ماذا يعني هذا..؟
أحد أمرين: أقربهما إلى البداهة هو أن خبيراً بالكتابة طبع الاسم على الورقة.
والأمر الثاني أن حروف الاسم تجمعت وترتبت وتلاقت هكذا جزافاً.
إن الفرض الأخير معناه من الناحية العلمية ما يأتي:
الابتداء بكتابة العين، أو سقوط حرفها وحده على الورقة دون وعي يجوز بنسبة 1إلى 28-وهو عدد حروف هجاء العربية-.
وسقوط حرفي العين والميم يجوز بنسبة (1)إلى 28×28
ونزول الحروف الثلاثة بعوامل الصدفة المحضة يجوز بنسبة 1إلى 28×28×28 أي بنسبة 1 إلى 21952
وليس أغبى فكراً ممن يترك الفرض الوحيد المعقول ويؤثر عليه فرضاً آخر لا يتصور وقوعه إلا مرة بين اثنتين وعشرين ألف مرة…
والصدف حين تخط على القرطاس كلمة عمر أقرب إلى الذهن من تصور الصدف هذه تخلق قطرة ماء من المحيطات الغامرة،أو حبة رمل في الصحارى الشاسعة…إن العلم بريء من مزاعم الإلحاد ،ومضاد لما يرسل من أحكام بلهاء..
No comment yet, add your voice below!